عبد الرحمن البسيوني الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي: التراث العربي بوابة الإبداع واستثمار حضاري للمستقبل
أكد عبد الرحمن البسيوني، الأمين العام للاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن الاستثمار في التراث العربي لا يقتصر على حفظ الماضي، بل يُعد استثمارًا مباشرًا في الإبداع وصناعة المستقبل، موضحًا أن المجتمعات التي تحترم جذورها الثقافية وتفهم عمق موروثها التاريخي، هي الأقدر على بناء غدٍ أكثر استنارة واستقرارًا، حيث يشكل التراث قاعدة راسخة للإنتاج المعرفي والفني القادر على مواكبة تطورات العصر.
وأوضح البسيوني أن الثقافة لا يمكن أن تزدهر دون استنادها إلى مرجعية تراثية تعكس هوية المجتمع، مؤكدًا أن احترام الماضي لا يعني الجمود، بل الانطلاق منه لبناء رؤية حداثية تُراعي الأصالة وتُعزز الإبداع، مشيرًا إلى أن عناصر التراث العربي بكل تنوعها من عمارة وفنون ولغة وحِرف تقليدية، توفر منجمًا غنيًا للأفكار والابتكار، سواء في مجالات الإعلام أو الفن أو الاقتصاد الإبداعي.
ودعا إلى إعادة النظر في آليات التعامل مع التراث، بحيث لا يُنظر إليه كمجرد رمزية احتفالية، بل كرافد فعّال للتنمية الثقافية والاجتماعية، مؤكدًا أن تعزيز حضور التراث في المشهد الإعلامي العربي يُسهم في إعادة صياغة الوعي العام تجاه هويتنا، ويمنح الجيل الجديد أدوات لفهم ذاته والتعبير عنها بثقة وانفتاح على الآخر، كما أن ذلك يُشكّل جسرًا بين الأجيال يحافظ على استمرارية الذاكرة الجمعية.
وأشار إلى أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي يعمل على دعم المبادرات التي تدمج التراث بالمضامين الإبداعية المعاصرة، عبر منصات إعلامية ومشاريع ثقافية تحفّز الشباب على التفاعل مع تراثهم وإعادة تقديمه بأساليب تعبيرية حديثة، لافتًا إلى أهمية الاستثمار في التدريب الإعلامي المتخصص في توثيق التراث وتقديمه بأسلوب مهني يجمع بين المعلومة والدلالة الرمزية.
وشدد البسيوني على أن العالم بات يُدرك اليوم القيمة الاقتصادية للتراث الثقافي، خاصة في ظل تصاعد مفهوم الاقتصاد الإبداعي، الذي يجعل من الموروث الثقافي ركيزة لصناعات مزدهرة، مشيرًا إلى أن الدول التي نجحت في تعزيز تراثها ضمن روافد الاقتصاد الرقمي والسياحة الثقافية استطاعت أن تخلق فرص عمل وتُعيد تشكيل صورتها في وعي العالم.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الحفاظ على التراث لا يكون فقط بالحماية الفيزيائية للمواقع والأدوات، بل بتفعيل روايته في الإعلام والفن والتعليم، معتبرًا أن ذلك هو الضمان الحقيقي لبقاء هذا الإرث حيًا في الذاكرة والوجدان، وقادرًا على الإسهام الفعلي في بناء مستقبل عربي قائم على الاعتزاز بالهوية والانفتاح على الإبداع.
