خالد خليل مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي: الإعلام العربي يحتاج لتغيير جذري لإحياء العلاقة مع التراث الثقافي

أكد خالد خليل، مؤسس الاتحاد العربي للإعلام التراثي، أن الدور الحقيقي للإعلام في قضايا التراث لم يعد يحتمل التأجيل أو التجميل، مشددًا على أن المطلوب اليوم هو إعلام يبتعد عن تغطية المناسبات الرسمية العابرة ويتوجه إلى إنتاج محتوى ثقافي متصل بالناس، يعيد تشكيل وعيهم، ويعزز ارتباطهم بموروثهم التاريخي وهويتهم الثقافية.
كما أوضح أن الهوة التي تفصل بين الأجيال الجديدة وتراثها ناتجة عن غياب الجهود الإعلامية المستمرة، وعن اختزال التغطيات في نمط احتفالي لا يتجاوز الصور والتقارير السطحية.
وأضاف خليل أن الإعلام في السياق العربي لم ينجح حتى اليوم في تقديم التراث كمصدر للقوة الثقافية أو كعنصر من عناصر التنمية الشاملة، وأن غالبية المنصات التقليدية والرقمية تتعامل مع هذا الملف على أنه ترف فكري أو محتوى ترويجي، بينما المطلوب أن يتحول إلى أولوية تحظى بالموارد والمهارات اللازمة، وتُدار عبر استراتيجيات تحرر الخطاب الإعلامي من النمط المناسباتي إلى الفعل الثقافي المستدام، لافتًا إلى أن الأجيال الجديدة بحاجة إلى محتوى حي وسرديات واقعية تُروى بأسلوب بصري وتفاعلي، يخلق لديهم إحساسًا بالانتماء والتكامل مع تاريخهم.
وأشار إلى أن الإعلام يجب أن يؤدي وظيفة التوثيق والتفسير وربط الماضي بالحاضر، لا أن يكتفي بترديد العناوين العامة، داعيًا إلى تأسيس منصات إعلامية متخصصة تستثمر في الأرشفة الرقمية، والإنتاج الوثائقي، وصياغة مواد تعليمية ذات طابع سردي تستهدف فئة الشباب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من سكان الوطن العربي، مبينًا أن الإعلام عندما يعكس صوت التراث بصدق وابتكار، فإنه يعيد التوازن الثقافي في زمن تغلب فيه الرسائل التجارية والاستهلاكية.
ودعا خليل إلى تطوير شراكات بين المؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية والهيئات الثقافية لتعزيز المحتوى التراثي، مؤكدًا أن استقلالية الإنتاج، والتنوع في الأساليب، والتفاعل مع الجمهور، عوامل أساسية في تحويل الإعلام إلى أداة فاعلة في تعزيز الوعي العام، وليس مجرد ناقل للخبر، كما شدد على أهمية بناء كفاءات إعلامية متخصصة في الشأن التراثي، تمتلك خلفية معرفية، وتستطيع تقديم التراث في صورته المعقدة والعميقة وليس فقط في بعده الجمالي أو السياحي.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن الاتحاد العربي للإعلام التراثي يعمل في هذه المرحلة على إعداد دليل تدريبي للمؤسسات الإعلامية، يشمل أساليب تطوير محتوى تراثي جذاب، يتناسب مع السياقات الرقمية، ويخاطب الجمهور بلغته اليومية، ويربط بين التراث وقضايا العصر مثل الاستدامة، والهوية، والمواطنة الثقافية، مشيرًا إلى أن الإعلام لا يمكن أن يكون جزءًا من التوعية إذا لم يتحول أولًا إلى صوت يعبر عن الذاكرة الجمعية ويمنحها مساحة دائمة في الحاضر.