سجّلت منظمة اليونسكو واحة الأحساء ضمن قائمة التراث العالمي عام 2018 ، ويعكس هذا التصنيف القيمة التاريخية والثقافية التي تميّز الواحة بوصفها أكبر واحة نخيل طبيعية في العالم ، حيث تضم أكثر من ثلاثة ملايين نخلة وتحتضن إرثًا عمره آلاف السنين في قلب شرق المملكة العربية السعودية.
تربط واحة الأحساء بين مظاهر الطبيعة وتاريخ الاستيطان البشري ، إذ كانت مركزًا للحياة الزراعية والثقافية منذ العصر الحجري الحديث ، وشكّلت موقعًا حيويًا للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بسبب توفر المياه والغطاء النباتي الكثيف ، ما جعلها محط استقرار وتفاعل حضاري مستمر.
اشتهرت الواحة بمعالمها التاريخية التي تعكس تعاقب العصور والأنماط المعمارية المتنوعة ، ويعد قصر إبراهيم أحد أبرز هذه المعالم ، حيث يعود بناؤه إلى القرن السادس عشر ويتميز بطراز إسلامي يجمع بين البساطة الدفاعية والزخارف المحلية التقليدية.
تتضمن الأحساء أيضًا سوق القيصرية الذي يُعد من أقدم الأسواق في المملكة ، ويمثّل مركزًا تجاريًا تاريخيًا عكس طبيعة النشاط الاقتصادي في المنطقة عبر القرون ، ويُعرف السوق بطرقه الضيقة ودكاكينه القديمة التي ما زالت تحتفظ بهويتها.
يجذب جبل القارة الزوار بتشكيلاته الصخرية وإطلالاته الطبيعية ، وهو من أبرز معالم الواحة ، بينما يحتفظ مسجد جواثا بمكانة دينية خاصة كونه ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام ، ويجسّد استمرار الحياة الدينية والثقافية منذ بدايات الإسلام.
شهدت الأحساء نموًا حضريًا متناسقًا مع بيئتها الطبيعية ، حيث استخدم السكان أنظمة ري تقليدية تعتمد على العيون الطبيعية التي تغذّي الواحة ، مثل عين الجوهرية وعين الحارة ، وتُستخدم هذه الموارد في زراعة النخيل والخضراوات والمحاصيل المحلية.
يضم النسيج العمراني للواحة العديد من البيوت الطينية والمساجد الصغيرة التي تعكس أساليب البناء التقليدية ، وتبرز هذه المباني قدرة الإنسان على التكيّف مع مناخ الصحراء عبر تصميمات تسمح بالتهوية الطبيعية وتوفير الظل في الفصول الحارة.
استمرت الأحساء في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية وثقافية من خلال تنظيم مهرجانات تراثية مثل مهرجان واحة الأحساء الذي يعرض الحرف اليدوية والفنون الشعبية والمأكولات التقليدية ، ويشهد إقبالًا واسعًا من الزوّار والمشاركين من مختلف مناطق المملكة.
المصدر: اليونسكو