يكشف موقع هيلي الأثري عن صفحة بارزة من تاريخ المنطقة، إذ يقع بالقرب من مدينة العين في إمارة أبوظبي، ويعود تاريخه إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويُعد أكبر موقع من مواقع العصر البرونزي المكتشفة في دولة الإمارات، حيث يعكس أهمية العين كموطن للحضارات القديمة التي تركت آثارًا باقية حتى اليوم.
أُدرج موقع هيلي ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2011 باعتباره جزءًا من مواقع العين الثقافية، والتي تضم أيضًا حفيت وبدع بنت سعود والواحات، وهو ما يبرز القيمة التاريخية والإنسانية لهذه المواقع، ويعطي صورة متكاملة عن أنماط الاستيطان البشري في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية عبر العصور.
تحتوي منطقة هيلي على بقايا مستوطنات قديمة ومدافن تعود إلى العصرين البرونزي والحديدي، وقدمت هذه المدافن شواهد مهمة على تطور المجتمعات القديمة، حيث كشفت الحفريات عن أدوات وأوانٍ فخارية وعظام بشرية تعكس طبيعة الحياة اليومية والطقوس الجنائزية، وهو ما جعلها موضع اهتمام الباحثين والدارسين للحضارات المبكرة.
وتتميز هياكل هيلي الحجرية بتصميمها الدائري اللافت للنظر، إذ بُنيت بدقة لتصمد أمام الزمن، وتحتوي على نقوش ورسومات بدائية تشير إلى ممارسات حياتية واجتماعية، كما وُجدت في الموقع أدوات زراعية وأسلحة معدنية بدائية، ما يؤكد أن سكان هيلي عرفوا الزراعة والتجارة والحرف اليدوية منذ آلاف السنين.
وكشفت الاكتشافات الأثرية عن وجود نشاط تجاري واسع في تلك الفترة، إذ كانت هيلي مركزًا للتبادل مع حضارات مجاورة، ويدل على ذلك العثور على أوانٍ فخارية ذات أنماط غير محلية، وهو ما يعكس تواصلًا حضاريًا وثقافيًا بين سكان المنطقة وجيرانهم عبر طرق التجارة القديمة.
ورغم قيمته الكبيرة، يواجه الموقع تحديات في الحفاظ على آثاره نتيجة لعوامل التعرية الطبيعية، إلا أن الجهات المختصة تعمل باستمرار على ترميم المدافن والهياكل وصيانة ما تبقى من المستوطنات، من أجل حماية هذا الإرث التاريخي وضمان بقائه للأجيال القادمة.
ويستقطب موقع هيلي السياح والمهتمين بالآثار، حيث يقدم تجربة استكشافية ثرية تتيح للزوار فرصة التجول بين المدافن الحجرية والمستوطنات القديمة، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الصحراوية المحيطة، ما يجمع بين جمال الطبيعة وقيمة الإرث الإنساني.
وتظل هيلي شاهدًا حيًا على قدرة الإنسان القديم على التكيف مع بيئته الصحراوية القاسية، ودليلًا على تطور المجتمعات في مجالات الزراعة والحرف والتجارة، كما تُبرز دور الإمارات في التاريخ الإقليمي منذ العصور القديمة، وتؤكد أهمية حماية هذا التراث باعتباره جزءًا من الهوية الإنسانية المشتركة.
المصدر: اليونسكو