يقع موقع قرية الأثري في منطقة تبوك على المنحدرات الشرقية لجبال الحجاز، ويعد من أبرز المواقع الأثرية في شمال الجزيرة العربية، حيث يمثل شاهدًا حيًا على استيطان بشري ضارب في القدم.
يعود تاريخ المستوطنة إلى العصر البرونزي المبكر في الألفية الثالثة قبل الميلاد، واستمر عمرانها عبر فترات متعددة شملت المرحلة النبطية والعصر الروماني، وهو ما يجعلها موقعًا غنيًا بتنوع تاريخي يربط بين حضارات متعاقبة.
يضم الموقع بقايا قلعة أثرية عُرفت باسم الأكروبوليس، إضافة إلى مساكن قديمة وخزان مياه منحوت بدقة، فيما يكشف السور الخارجي عن تنظيم حضاري متطور ساعد على حماية السكان وإدارة مواردهم.
اشتهرت قرية الأثري بصناعة الفخار المصبوغ الذي تميز بأشكال وزخارف فريدة، وقد عُثر في الموقع على أفران مخصصة لحرق الخزف، يرجع تاريخها إلى القرنين السابع عشر والسادس عشر قبل الميلاد، مما يعكس مستوى متقدمًا من الحرفية.
رُشح الموقع ليكون ضمن القائمة الإرشادية لليونسكو باعتباره جزءًا من شبكة الواحات المسورة القديمة، وهو ما يبرز قيمته العالمية ويؤكد أهميته في حفظ الذاكرة التاريخية للمنطقة.
يجذب الموقع اهتمام الباحثين وعلماء الآثار من مختلف التخصصات، حيث تقدم بقاياه مادة غنية لدراسة أنماط الحياة في عصور مختلفة، بينما يشكل بالنسبة للزوار تجربة ثقافية فريدة تكشف عن إرث الجزيرة العربية.
تواجه قرية الأثري تحديات ترتبط بعوامل التعرية الصحراوية التي تؤثر على سلامة مبانيها، ما دفع الجهود المحلية إلى تكثيف أعمال الحماية والترميم لضمان استمرارية الموقع للأجيال المقبلة.
تُنظم جولات سياحية لتسليط الضوء على المعالم الباقية في الموقع، وتوفر مراكز الزوار معلومات تاريخية موثقة تسهل فهم الإرث الحضاري، فيما تشكل السياحة عاملًا داعمًا للاقتصاد المحلي.
يُعتبر الموقع رمزًا للتواصل الحضاري، فقد كان مركزًا للتبادل التجاري والثقافي بين مجتمعات متعددة، وهو ما يظهر بوضوح في الآثار المكتشفة التي تعكس التفاعل بين مختلف الثقافات.
تعمل السلطات على تطوير البنية التحتية المحيطة بالموقع من خلال تحسين الخدمات والمرافق السياحية، وذلك لتقديم تجربة متكاملة للزوار تبرز المكان كوجهة ثقافية ذات أهمية عالمية.
تواصل الدراسات الأثرية توثيق تاريخ قرية الأثري بدقة، إذ تكشف الاكتشافات المتتالية عن تفاصيل جديدة حول أنماط السكن والمعيشة والأنشطة الاقتصادية، مما يثري الفهم بتاريخ شمال الجزيرة العربية.
تدعم المبادرات المحلية الترويج للموقع من خلال معارض وفعاليات ثقافية تسلط الضوء على قيمته، وهو ما يعزز استدامة التراث ويضمن بقاءه في دائرة الاهتمام العام.
تظل قرية الأثري شاهدًا بارزًا على حضارة متجذرة في جبال الحجاز، فآثارها تحكي قصص الصمود والإبداع البشري، وتشكل دعوة مفتوحة لاستكشاف الإرث التاريخي العريق للمنطقة.
المصدر: ويكيبيديا