كشف علماء الآثار عن مغارة تافوغالت، التي تضم بقايا أثرية تعود إلى 84-85 ألف سنة، في منطقة وجدة شمال المغرب، لتصبح شاهدًا حيًا على حياة الإنسان في عصور ما قبل التاريخ، وتوضح مراحل تطوره الجسدية والفكرية، بما في ذلك قدراته على صناعة الأدوات والحلي، وممارساته الطبية المبكرة.
أدرجت اليونسكو الموقع ضمن قائمتها الإرشادية المؤقتة، تقديرًا لقيمته العلمية والثقافية، وتكشف التنقيبات عن هياكل عظمية وأدوات حجرية وعظمية، بالإضافة إلى أقدم الحلي في العالم، ما يعكس مستوى الإبداع الفني للإنسان القديم، كما تشير الاكتشافات إلى استخدام الأعشاب في العلاجات الطبية، وعمليات جراحية تعتبر الأقدم عالميًا، وهو ما يوضح تفوق المجتمعات البشرية المبكرة في المنطقة.
تسعى السلطات المغربية لإدراج تافوغالت في قائمة التراث العالمي، بهدف تعزيز مكانتها السياحية والعلمية، ويستقطب الموقع الباحثين والمهتمين بتاريخ الإنسان القديم، ويعمل الخبراء على توثيق الأدوات والحلي والجمجمة المكتشفة، لضمان نقل المعرفة العلمية للأجيال القادمة، كما تبرز المغارة دورها في دراسة تطور الإنسان الحديث، ومساهمتها في فهم التفاعلات البيئية والاجتماعية لمجتمعات ما قبل التاريخ.
واجهت المغارة تحديات عدة بسبب التعرية الطبيعية وتأثيرات المناخ الجاف، ما استدعى إجراء تنقيبات دقيقة لحماية الموقع والكشف عن المزيد من اللقى، كما وضعت خطط لترميم العناصر الأثرية وضمان استدامة الموقع كوجهة تراثية عالمية، إلى جانب تطوير برامج سياحية تعليمية، تسمح للزوار بالتعرف على مهارات الإنسان القديم، وأهمية المغارة في رسم صورة كاملة عن الحياة في شمال أفريقيا خلال العصر الحجري.
تساهم مغارة تافوغالت في إبراز الهوية الثقافية لمنطقة وجدة، وتوضح براعة الإنسان القديم في صناعة الأدوات والحلي، إضافة إلى ممارسة المهارات الطبية المتقدمة، وتبرز الدراسات كيف استخدم السكان القدامى الموارد الطبيعية لتلبية احتياجاتهم اليومية، وتستمر جهود الحفظ والتوثيق لضمان بقاء الموقع شاهدًا على التطور البشري، وموردًا علميًا وسياحيًا يساهم في المعرفة التاريخية والأنثروبولوجية.
تستمر الجهود المغربية والدولية لتطوير الموقع سياحيًا وعلميًا، لجذب الزوار من داخل وخارج المغرب، وتعزيز مكانة المغارة كرمز للتراث البشري، يجمع بين التاريخ والفن والطب القديم، كما يظهر إرث الإنسان القديم ومهاراته الإبداعية، ويبرز تافوغالت كوجهة مميزة لفهم أصول الإنسان، وتاريخ المجتمعات البشرية في شمال أفريقيا، ويظل الموقع شاهدًا حيًا على القدرات البشرية عبر آلاف السنين.
المصدر: العربية