الجمعة 1447/02/14هـ (08-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » مدينة تنس سجل حضاري يعكس تعاقب الإمبراطوريات الكبرى

مدينة تنس سجل حضاري يعكس تعاقب الإمبراطوريات الكبرى

تأسست مدينة تنس في موقع استراتيجي يربط بين الساحل الجزائري والداخل، وشهدت منذ القرن الثامن قبل الميلاد موجات متعاقبة من الاستيطان بدأت بالفينيقيين الذين أنشأوا نواة المدينة كمركز تجاري ساحلي، واستغلوا موقعها القريب من البحر المتوسط لتطوير شبكات التبادل البحري مع مدن شمال إفريقيا وسواحل أوروبا.

مرّت المدينة لاحقًا بمرحلة السيطرة الرومانية التي عمّرت فيها البنى التحتية، وتم تشييد منشآت عمومية على الطراز الكلاسيكي، ثم انتقلت إلى الحكم البيزنطي الذي حافظ على معالمها الحضرية مع تعزيز الطابع الديني في تخطيطها، قبل أن تدخل لاحقًا مرحلة جديدة من التحولات مع الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا.

تغيّر وضع المدينة خلال القرون الوسطى، حيث توالى عليها حكم الفاطميين الذين أدخلوا إصلاحات إدارية، ثم المرابطين الذين جعلوا منها نقطة تماس استراتيجية، وبعدهم الموحدين الذين طوّروا أسوارها وأعادوا تنظيم شوارعها، لتنتقل بعدها إلى حكم الزيانيين الذين استقروا بها لفترة قبل أن تدخل تحت السيادة العثمانية سنة 1517 ميلادية.

السور الدفاعي لمدينة تنس | Cartes Patrimoine Culturel Algérien

أثر هذا التعاقب السياسي في بنية المدينة الثقافية والعمرانية، حيث تداخلت أنماط معمارية متعددة من القلاع إلى المساجد إلى المنشآت المدنية، وما زالت بعض هذه الآثار قائمة حتى اليوم، ما يجعل تنس مرجعًا تاريخيًا حيويًا لدراسة تعاقب الدول على الساحل الجزائري.

حافظت المدينة على أهميتها ضمن ذاكرة المنطقة، واعتُبرت إحدى الحلقات المركزية في مسار التنقلات التي اعتمدها الفيلسوف أوغسطينوس خلال فترات حياته، ما جعل الموقع يُدرج ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت عنوان أماكن وطرق أغسطينوس في المغرب الأوسط.

تسعى الجهود المحلية إلى إعادة توظيف الإرث التاريخي للمدينة ضمن مشاريع حماية وتثمين التراث، من خلال إعداد خرائط أثرية دقيقة، وتحسين الوصول إلى المواقع المهجورة، واستغلال المؤهلات السياحية والثقافية التي تميز المدينة وتاريخها المتعدد.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار