تُبرز مدينة أم الرصاص موقعها في قلب السجل الحضاري العربي من خلال ما تحتضنه من آثار رومانية وبيزنطية وإسلامية ، وقد تم إدراجها عام 2004 ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو ، لما تمثله من أهمية تاريخية وثقافية ناتجة عن تعاقب الإمبراطوريات الكبرى على أرضها الممتدة في جنوب شرقي العاصمة الأردنية عمّان.
تُظهر بقايا الكنائس والمساجد والآبار والمساكن حجم التنوع الديني والعمراني الذي ميّز المدينة على مر العصور ، وتعد كنيسة القديس اسطفانوس مثالاً حيًّا على هذا التنوع ، إذ تتضمن أرضيتها أكبر فسيفساء مكتشفة في الأردن ، وترجع إلى القرن الثامن الميلادي ، وتُصوّر تلك الفسيفساء عشرات المدن المعروفة في بلاد الشام ومصر آنذاك ، مما يجعلها وثيقة بصرية نادرة لطبوغرافية المنطقة القديمة.
تحتوي أم الرصاص على برج ناسك فريد من نوعه ، وهو برج حجري طويل كان يستخدمه الرهبان الأوائل كمكان للعزلة والتأمل الديني ، ويُعد البرج المعلم الوحيد المتبقي من هذا النوع في الأردن ، كما تعكس هندسته البسيطة وعزلته وسط الطبيعة القاسية أسلوب حياة ديني ساد لفترة من الزمن في المنطقة.
تحولت المدينة من معسكر روماني إلى مستوطنة مدنية ، ثم مركز ديني مزدهر في الحقبة البيزنطية ، واستمرت أهميتها خلال العهد الإسلامي المبكر ، إذ بقيت مأهولة حتى القرن التاسع الميلادي ، وتبرز هذه التحولات أهمية الموقع كمحور جغرافي واستراتيجي ظل فاعلاً في مسار التجارة والدين والإدارة عبر القرون.
تُعد أم الرصاص اليوم أحد النماذج النادرة لمدن الشرق القديم التي تجمع بين الطابع الدفاعي والتخطيط الديني والوظائف المدنية ، كما تعكس نقوشها ومبانيها ومخططاتها الأثرية كيف تعامل الإنسان مع الزمن والمكان والمعتقد ، وتُكثف الجهات المعنية في الأردن جهودها لصون هذا الموقع وتحفيز السياحة الثقافية فيه دون الإخلال بأصالته التاريخية.
المصدر: اليونسكو