الأثنين 1447/03/16هـ (08-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » البحرين » مرئي » الآثار » مدافن أم جدر.. إرث دلموني يعكس تقاليد الدفن القديمة

مدافن أم جدر.. إرث دلموني يعكس تقاليد الدفن القديمة

تُعد مدافن أم جدر الواقعة في المحافظة الجنوبية من أبرز الشواهد الأثرية التي تعود إلى حضارة دلمون، حيث يرجع تاريخها إلى الألفيتين الثالثة والثانية قبل الميلاد، وقد سُجلت عام 2019 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كجزء من موقع تلال مدافن دلمون، وهو ما يعكس قيمتها العالمية وأهميتها في إبراز ملامح المجتمع البحريني القديم.

تشكل المدافن مجموعة كبيرة من التلال الركامية التي تُظهر تفرد حضارة دلمون في تقاليد الدفن، إذ يعكس هذا التجمع أسلوباً متقدماً في ممارسة الطقوس الجنائزية، كما أنه يسلط الضوء على مكانة البحرين كمركز تجاري وثقافي بارز في منطقة الخليج القديم، وهو ما جعلها نقطة التقاء بين حضارات متعددة.

تتميز مدافن أم جدر بكثافة عددها وتنوع تصميماتها، حيث كشفت الحفريات عن تفاصيل دقيقة تخص الممارسات الدينية والمعتقدات الجنائزية، إضافة إلى الأدوات واللقى التي استُخدمت في الطقوس، وهو ما جعل الموقع جزءاً من أكبر تجمع مدافن في العالم، يتيح للزوار والباحثين فهماً أعمق للأنماط الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة.

الموقع الذي يقع في قلب المحافظة الجنوبية يُبرز أيضاً تنظيماً عمرانياً دقيقاً للتلال الركامية، حيث بُنيت بطريقة تعكس إبداعاً هندسياً يعكس الوعي المبكر بأهمية التخطيط الحضري، وهو ما يكشف عن جانب آخر من تطور حضارة دلمون وقدرتها على المزج بين المعتقدات الدينية والمهارة المعمارية.

مدافن ومقابر في البحرين | Archiqoo

أهمية مدافن أم جدر لا تنفصل عن كونها جزءاً من تلال مدافن دلمون التي حُفظت عالمياً كإرث إنساني، فهي تمثل رمزاً للثقافة والتاريخ البحريني، كما أنها تعكس جوانب من التطور الاجتماعي والديني الذي عاشه سكان الجزيرة منذ آلاف السنين، وهو ما يجعلها موقعاً محورياً لفهم التحولات التي مر بها المجتمع الدلموني.

توفر المدافن لمحة واضحة عن تفاصيل الحياة اليومية لمجتمع منظم ومزدهر، إذ تدل الآثار المكتشفة على وجود عادات دقيقة في الدفن ورعاية الموتى، ما يؤكد أن هذه الحضارة كانت تتمتع بمستوى رفيع من التنظيم والالتزام بالطقوس، وهو ما يثير اهتمام الباحثين من مختلف أنحاء العالم.

هيئة البحرين للثقافة والآثار تسعى إلى تعزيز مكانة مدافن أم جدر كوجهة سياحية وثقافية، من خلال تطوير الموقع وتوفير المرافق التي تتيح للزوار التعرف على إرث البحرين بشكل تفاعلي، حيث أصبحت الزيارة لا تقتصر على المشاهدة بل تشمل تجربة معرفية ملهمة تعكس قيمة الموقع التاريخية.

مدافن أم جدر لا يمكن النظر إليها كتلال ركامية صامتة، بل هي ذاكرة حضارية تنطق بتاريخ البحرين القديم، وتحكي قصص الإبداع والتفاني الذي ميز سكان دلمون، وزيارتها تمثل رحلة زمنية فريدة تربط الماضي بالحاضر وتكشف عن أحد أهم أوجه التراث الإنساني في المنطقة.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار