سجّلت منظمة اليونسكو محمية إشكل الوطنية ضمن قائمة التراث العالمي منذ عام 1980 ، بعد أن أكدت التقارير البيئية والتاريخية أهميتها باعتبارها واحدة من أبرز المواقع الطبيعية في تونس ، وتقع المحمية في ولاية بنزرت شمال البلاد وتمتد على مساحة واسعة تضم بحيرة إشكل والمناطق الرطبة والجبال المحيطة بها.
تميّزت المحمية بتنوعها البيولوجي الكبير وبتشكيلها محطة توقف رئيسية للطيور المهاجرة التي تعبر شمال إفريقيا في مواسم التنقل السنوية ، حيث تمر بها سنويًا مئات الآلاف من الطيور مثل البط والنحام واللقالق والإوز ، ما يجعلها منطقة رطبة ذات أهمية دولية ومسجلة أيضًا في اتفاقية رامسار العالمية.
احتضنت إشكل أكثر من 180 نوعًا من الطيور المقيمة والمهاجرة و20 نوعًا من الثدييات وأكثر من 500 نوع من النباتات المتنوعة ، مما منحها قيمة بيئية استثنائية وجعل منها مركزًا طبيعيًا لدراسة التنوع البيولوجي ، كما ساهم ذلك في إدراجها ضمن أهم المحميات في شمال إفريقيا.
وفّرت التضاريس المزدوجة في المحمية التي تجمع بين البيئة الرطبة والبيئة الجبلية توازنًا طبيعيًا نادرًا في المنطقة ، ما أسهم في نشوء نظام بيئي متكامل يحتضن الكائنات البرية والمائية ويؤمّن لها ظروفًا بيئية مثالية للبقاء والتكاثر ، وجعلها وجهة للعلماء والباحثين والمهتمين بشؤون البيئة.
شهدت محمية إشكل نشاطًا بشريًا قديمًا يعود إلى حضارات مختلفة تركت آثارها في أنحاء الموقع ، حيث عثر على أضرحة وآثار تعود للعصر الحفصي والعهد الحسيني ، ما يعكس التداخل بين الطبيعة والتاريخ في الموقع ويمنحه بعدًا ثقافيًا وإنسانيًا إضافيًا.
مثّلت المحمية نموذجًا حيًا للتراث الطبيعي والثقافي في تونس ، حيث جمعت بين الجمال الطبيعي والتنوع البيئي والثراء التاريخي ، وساهم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي في تعزيز مكانتها الدولية وضمان التزامات طويلة الأمد لحمايتها من التدهور أو الاستغلال غير المستدام.
جذبت المحمية اهتمام الهيئات الدولية والمحلية المعنية بالبيئة والتراث ووضعتها ضمن برامج التوعية البيئية والتربية المستدامة في تونس ، كما شجعت المؤسسات المعنية على إطلاق حملات لحماية النظام البيئي وضمان استمراريته في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.
عكست محمية إشكل كيف يمكن للمواقع البيئية أن تحمل أيضًا بعدًا حضاريًا يربط بين الإنسان وتاريخه ومحيطه ، ما يجعل من المحافظة عليها التزامًا وطنيًا وعالميًا يعكس احترام التنوع الحيوي والذاكرة الجماعية للشعوب.
المصدر: اليونسكو