أنشأ البرتغاليون كنيسة السيدة العذراء داخل قلعة مازاغان في مدينة الجديدة المغربية في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، لتكون مركزاً دينياً للمجتمع البرتغالي المقيم في المدينة، ويعكس المبنى الطابع المعماري الأوروبي الكنسي في تلك الحقبة، ويقدم مثالاً واضحاً على التأثير الثقافي والديني في المناطق المحتلة، ويُظهر أهمية الدين في تنظيم الحياة اليومية للجنود والمستوطنين.
تتيح الكنيسة للزوار اليوم التعرف على الأساليب المعمارية الكلاسيكية للكنائس البرتغالية، حيث تبرز القباب والنوافذ المزخرفة والهيكل الداخلي المصمم لاستيعاب المصلين، كما تعرض النقوش والزخارف الفنية التي تحمل رموزاً دينية وثقافية، ويُظهر التصميم الاهتمام بالتفاصيل الجمالية والوظيفية معاً، ويعكس القدرة على الجمع بين البساطة الروحية والفن المعماري الفخم في زمن الاحتلال الأوروبي.
ساهمت الكنيسة في تعزيز الحياة الدينية والاجتماعية داخل القلعة، حيث كانت تُقام فيها الصلوات والمناسبات الدينية، كما عملت كمركز للتعليم الديني ونقل القيم الثقافية للجيل الجديد، ويبرز موقع الكنيسة داخل القلعة التكامل بين الأبعاد الدفاعية والدينية في المدينة المحصنة، ويتيح دراسة العلاقة بين البنية العسكرية والخدمات المجتمعية في المواقع التاريخية، ويؤكد على أهمية المواقع الدينية في الحفاظ على الهوية الثقافية.
تضمنت جهود الحفظ والترميم صيانة الهيكل الحجري للكنيسة والجدران الداخلية والخارجية، مع الحفاظ على الزخارف الأصلية والنوافذ المزخرفة، وتم توفير مسارات آمنة للزوار، ويتيح هذا العمل التعرف على الطراز المعماري التاريخي وفهم دوره في الحياة الدينية والاجتماعية، كما يبرز تأثير التراث الأوروبي على العمارة الدينية في المغرب، ويعزز معرفة الجمهور بالروابط بين التاريخ والثقافة والفن.
تم إدراج كنيسة السيدة العذراء ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2004 كجزء من مدينة مازاكان البرتغالية، ويعكس هذا الإدراج تقديراً دولياً لأهمية المبنى التاريخية والدينية والمعمارية، ويتيح للباحثين دراسة تأثير الاستعمار البرتغالي على المدن المغربية، كما يؤكد على الحفاظ على المباني الدينية ضمن التراث العالمي، ويبرز دور الكنيسة في ربط الماضي بالحاضر وتعزيز الهوية الثقافية للمنطقة.
تظل كنيسة السيدة العذراء رمزاً للإبداع المعماري والديني في فترة الاحتلال البرتغالي، ويقدم المكان تجربة ثقافية وتاريخية متكاملة للزوار، ويعكس التوازن بين الوظائف الدينية والثقافية في المدينة المحصنة، ويبرز أهمية المحافظة على التراث الديني والمعماري لضمان استدامته للأجيال القادمة، ويؤكد على دور المواقع التاريخية في تعزيز المعرفة بالثقافات المتنوعة.
المصدر: اليونسكو