تُعد كرزاز، الواقعة في ولاية بشار، إحدى الواحات التراثية التي تحمل بين أزقتها عبق التاريخ وروح الثقافة الشاوية الأمازيغية، إذ تعود جذورها إلى قرون بعيدة في عمق الصحراء الجزائرية، وقد جرى إدراجها ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو لما تمثله من قيمة تاريخية وثقافية بارزة.
تتميز كرزاز بكونها جزءاً من واحات الفقارات والقصور المنتشرة في العرق الغربي الكبير، ما يجعلها مركزاً حضارياً يعكس تنوع التراث الجزائري، حيث تتقاطع فيها أنماط الحياة الصحراوية مع الموروث الشاوي، وتُشكل مزيجاً فريداً يجذب الزوار من مختلف المناطق.
يشتهر سكان كرزاز بارتداء اللباس التقليدي المعروف باسم الليزار الكرزازي، وهو ثوب مصنوع من أقمشة خفيفة تناسب أجواء الصحراء، ويُجسد الهوية الثقافية للمنطقة، كما يُعتبر رمزاً للأصالة التي حافظ عليها الأهالي جيلاً بعد جيل.
كما تُعد الفنون الفلكلورية جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمع المحلي، حيث ترافق الاحتفالات أصوات الزمار والطبل، بينما تقدم فرقة الأفق للفنون عروضاً مميزة تُعيد إحياء الذاكرة الشعبية، لتجعل من المناسبات الاجتماعية مهرجانات نابضة بالحياة.
وتعمل الجمعيات الثقافية، وعلى رأسها جمعية الأفق، على تنظيم فعاليات تهدف إلى الحفاظ على التراث المحلي وتعزيزه، إذ تركز على إبراز الفنون الشعبية والطقوس التقليدية، بما يعزز الوعي بأهمية التراث اللامادي ويدعم نقله للأجيال القادمة.
كما تحتضن كرزاز مهرجانات سنوية تُعرّف الزوار بالعادات والتقاليد الأصيلة، حيث تتحول المدينة إلى منصة مفتوحة للترويج للفنون الشعبية عبر العروض الحية ووسائل التواصل الحديثة، وهو ما يعزز حضورها الثقافي على المستويين المحلي والدولي.
ويمثل الليزار الكرزازي نموذجاً لإبداع الحرفيين المحليين، إذ يعكس في تصميمه البساطة والأناقة التي تميز الحياة الصحراوية، ويظل شاهداً على قدرة التراث على التعبير عن الهوية الجماعية، إلى جانب دوره في الحفاظ على الخصوصية الثقافية.
وتشهد كرزاز جهوداً متواصلة للحفاظ على موروثها، من خلال دعم السلطات المحلية للمشاريع الثقافية وتشجيع الفعاليات السياحية، الأمر الذي يجعلها مقصداً للراغبين في استكشاف التراث الصحراوي الأصيل.
تُجسد هذه الواحة التعددية الثقافية التي تميز الجزائر، فهي حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وزيارتها تمنح فرصة لفهم أعمق للإرث الأمازيغي وتجربة مباشرة لثراء الصحراء الجزائرية.
تظل كرزاز شاهداً حياً على تاريخ المنطقة، إذ تجتمع فيها التقاليد والفنون في لوحة واحدة تعكس خصوصية المكان، ما يجعل استكشافها تجربة ثقافية ملهمة تُبرز تنوع الهوية الجزائرية وغناها.
المصدر: ويكيبيديا