الثلاثاء 1447/03/17هـ (09-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » “قلعة طبيعية حصينة”.. العمادية مدينة جبلية تاريخية تجمع حضارات متعددة

“قلعة طبيعية حصينة”.. العمادية مدينة جبلية تاريخية تجمع حضارات متعددة

العمادية تعد واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، إذ تقع في محافظة دهوك شمال العراق على قمة جبل بارتفاع يقارب 1400 متر فوق سطح البحر، وهو ما منحها موقعًا استراتيجيًا جعلها أشبه بقلعة طبيعية حصينة، كما ساعدها هذا الموقع على لعب دور محوري في الصراعات السياسية والاقتصادية عبر التاريخ، وخصوصًا خلال العصور التي تنازعت فيها القوى الإقليمية السيطرة على شمال بلاد الرافدين.

عمادية

تحمل العمادية إرثًا حضاريًا متنوعًا يعكس تعاقب حضارات عديدة على أرضها، بدءًا من الآشوريين مرورًا بالعصور الإسلامية ووصولًا إلى الحقب اليهودية، وهو ما جعلها نموذجًا للتعايش بين ثقافات وأديان متعددة، وتضم المدينة آثارًا تاريخية مهمة مثل القلعة، وجامع العمادية الكبير الذي بُني في العهد العباسي عام 573 هـ الموافق 1177 م، ومدرسة قوباد التي كانت مركزًا لتعليم العلوم الدينية واللغة العربية، فضلًا عن بواباتها الأثرية التي شكلت مداخل رئيسية للمدينة.

كانت المدينة محاطة بثلاثة أبواب تاريخية وهي باب زيبار وباب الباشا وباب الموصل، وقد مثّلت هذه البوابات نقاط عبور رئيسية للقوافل التجارية التي كانت تمر عبر طرق التجارة القديمة، وخصوصًا طريق الحرير الذي ربط الشرق بالغرب، حيث كانت العمادية محطة توقف مهمة للتجار والمسافرين، ما أضفى عليها أهمية اقتصادية إلى جانب قيمتها العسكرية والثقافية.

تتميز العمادية بكونها موقعًا أثريًا مدرجًا على القائمة الإرشادية المؤقتة لمنظمة اليونسكو تحت مسمى “مدينة العمادية”، وهو إدراج يعكس الاعتراف الدولي بأهميتها التراثية وضرورة الحفاظ عليها، كما تسهم طبيعتها الجبلية ومعالمها المعمارية الفريدة في جذب الزوار والباحثين من مختلف أنحاء العالم، مما يمنحها إمكانات سياحية كبيرة.

العمادية (آميدي): بلدة واحدة, ثلاثة أديان أعراق مختلفة..

جامع العمادية الكبير يعتبر من أبرز المعالم الإسلامية في إقليم كردستان العراق، حيث يعكس فنون العمارة العباسية التي امتزجت مع الطراز المحلي، ويقف شاهدًا على دور المدينة كمركز ديني وعلمي بارز في تلك الحقبة، كما أن مدرسة قوباد كانت إحدى المؤسسات التعليمية التي ساعدت في نشر المعرفة والعلوم، وهو ما يؤكد دور العمادية كمحطة ثقافية مهمة في المنطقة.

اليوم، لا تزال العمادية تحتفظ بجزء كبير من ملامحها التاريخية، ورغم التغيرات التي شهدتها عبر القرون، فإنها تظل موقعًا حيًا يروي قصص العصور التي مرت عليها، ويبرز كيف شكل موقعها الجبلي الحصين وتاريخها العريق مزيجًا فريدًا من القوة والجمال، ما يجعلها وجهة تستحق الاهتمام والزيارة لمن يسعى لاكتشاف تاريخ العراق وتراثه الغني.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار