تنتصب قلعة الجلالي، المعروفة أيضاً باسم الكوت الشرقي أو قلعة الشرقية، شامخة على صخور ميناء مدينة مسقط القديمة في سلطنة عمان، وتُشرف على خليج عمان بارتفاع 45 متراً من سطح البحر،وتُعد هذه القلعة معلماً تاريخياً بليغاً، يروي فصولاً مهمة من تاريخ المقاومة والتحول في المنطقة.
بُنيت القلعة في موقع استراتيجي منيع، حيث لا يمكن الوصول إليها من الواجهة الصخرية إلا عن طريق جسر صغير وسلم محفور في الصخر، مما جعلها من القلاع التي يصعب اقتحامها، ويُعتقد أن البرتغاليين شيدوها عام 1588م لتحل محل بناء قديم، ربما كان مرصداً أقامه أهل مسقط.
يتألف الهيكل المعماري للقلعة من حجر رملي، ويتكون من برجين رئيسيين يربطهما سور تتخلله ثماني فتحات مقوّسة كانت مخصصة لإطلاق المدافع، وتضم القلعة مجموعة أخرى من الأبراج المختلفة الارتفاع، مما يؤكد وظيفتها كموقع دفاعي لمراقبة المدينة من مختلف الجهات.
عُرفت القلعة بالعديد من المسميات الأخرى خلال تاريخها، منها “سان خاو” أو “سان لوران” في فترة السيطرة البرتغالية. ويُرجع البعض سبب تسميتها الحالية بـ “الجلالي” إلى الأمير العُماني جلال الهوتي البلوشي، مما يشير إلى جذورها المحلية.
![]()
أكمل البرتغاليون تشييد القلعة في عام 1588م، بعد وصول قائدهم ألفونسو البوكيرك إلى مسقط عام 1507م، الذي وصف المدينة حينها بأنها عامرة وميناءها فريد من نوعه، لكنه أحدث دماراً في مسيرته الاستعمارية، وقد عجل هذا الغزو البرتغالي بتوحيد الصفوف العُمانية لمواجهته.
اتخذت القلعة سجناً مركزياً بعد اكتمال تشييدها، حيث كان يُسجن فيها السجناء السياسيون والمجرمون الذين يقضون عقوبات مشددة، واستمرت هذه الوظيفة حتى مشارف السبعينيات، وقد تولى حراستها الجيش حتى عام 1970م، ثم انتقلت المسؤولية إلى الشرطة التي خصصت لها طاقماً مدرباً خاصاً على أعمال السجون.
تحررت القلعة من السيطرة البرتغالية بعد مسيرة توحيد وطني قادها ناصر بن مرشد اليعربي، ثم أكملها من بعده سلطان بن سيف، الذي أرغم الحاكم البرتغالي على التخلي عن قلعتي الجلالي والميراني للقوات العمانية في 23 يناير 1650م، ويُشكك مؤلفون عُمانيون وأجانب في الرواية الشائعة التي تقول إن البرتغاليين هم من بنوا القلعتين بالكامل.
طُوّرت القلعة في عهد السلطان سعيد بن سلطان في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، ثم شهدت تجديدات شاملة أخرى في عهد النهضة العمانية الحديثة عام 1980م، وفي عهد السلطان قابوس بن سعيد، تم تهيئة القلعة وتحويلها إلى متحف خاص، مما أنهى دورها كسجن وكرّس دورها التراثي والثقافي.
المصدر: ويكيبيديا