يقع قصر صاهود في مدينة المبرز بمحافظة الأحساء، ويُعتبر أحد أبرز المعالم التاريخية التي تعكس عمق الهوية الثقافية للمنطقة، حيث يعود تاريخ بنائه إلى القرن السابع عشر أو الثامن عشر، مما يجعله شاهداً حياً على ماضي الأحساء ودورها الحضاري، وقد ارتبط اسمه بذاكرة الأهالي كرمز من رموز الأصالة والمعمار المحلي.
يمتاز القصر بتصميمه التقليدي المبني من الطين والحجر، حيث استخدمت المواد الطبيعية المتوافرة في البيئة لتشييد جدرانه المتينة، واعتمد بناؤه على أسلوب يعزز التهوية الطبيعية، مما وفر للساكنين آنذاك بيئة ملائمة تتناسب مع مناخ الواحة، وهو ما يبرز ذكاء البناء التقليدي وقدرته على التكيف مع الطبيعة.
القصر يضم غرفاً متعددة ذات زخارف تقليدية ونقوش تعكس مهارة الحرفيين في تلك الفترة، وقد جاءت هذه التفاصيل المعمارية لتضيف بعداً جمالياً للمكان، حيث يستطيع الزائر أن يلمس إبداع الفن المحلي في كل زاوية من زوايا القصر، كما تعكس الزخارف روح الحياة الاجتماعية والثقافية التي ميزت الأحساء قديماً.
في عام 2018، أدرجت منظمة اليونسكو قصر صاهود ضمن قائمة التراث العالمي كجزء من واحة الأحساء، وهو اعتراف دولي يؤكد أهميته التاريخية والثقافية، ويعزز مكانة الواحة كإحدى أبرز الوجهات التراثية في المنطقة، حيث يشكل القصر حلقة مهمة في فهم تاريخ الأحساء وتطورها عبر العصور.
تحيط بالقصر واحة خضراء عامرة بأشجار النخيل، مما يضفي عليه طابعاً طبيعياً فريداً، ويجعله نقطة التقاء بين البيئة والثقافة، حيث يظهر التكامل الواضح بين الإنسان ومحيطه الطبيعي، كما يتيح للزائر تجربة متكاملة تجمع بين جمال الطبيعة وأصالة التراث.
تُجرى في القصر أعمال ترميم دورية للحفاظ على مكوناته وحمايته من عوامل الزمن، وتتم هذه الجهود في إطار خطط مستمرة تهدف إلى تعزيز استدامة الإرث الثقافي وضمان نقله للأجيال القادمة، مما يعكس اهتمام الجهات المعنية بتراث الأحساء.
القصر اليوم يعد وجهة سياحية وثقافية بارزة، حيث يقصده عشاق التاريخ والباحثون عن التجارب الأصيلة، فهو ليس مجرد مبنى أثري بل مدرسة حية للتعرف على حياة الأجداد، كما يشكل القصر محطة تعليمية للزوار من مختلف الأعمار لفهم القيم التاريخية والمعمارية التي يحملها.
ويبرز قصر صاهود كرمز من رموز الهوية الوطنية السعودية، حيث يجمع بين عبق الماضي وأهمية الحاضر، ويبقى معلماً متجدداً يحكي قصص الأحساء ويعكس غنى ثقافتها وتاريخها العريق، مما يجعله محطة لا غنى عنها لكل من يزور المنطقة.
المصدر: اليونسكو