الثلاثاء 1447/04/15هـ (07-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » الآثار » قصر العظم بدمشق تراث فريد يروي تاريخ العمارة العربية في القرن الثامن عشر

قصر العظم بدمشق تراث فريد يروي تاريخ العمارة العربية في القرن الثامن عشر

 

يقع قصر العظم في قلب مدينة دمشق القديمة شمال سوق البزورية، حيث شُيّد عام 1749 ليكون مقراً لإقامة والي دمشق أسعد باشا العظم، ويُعتبر اليوم واحداً من أبرز معالم العمارة العربية في سوريا، كما يجسد مزيجاً متقناً بين الجمال الفني والجانب الوظيفي في المباني التقليدية.

يمثل القصر نموذجاً متفرداً للعمارة الدمشقية في القرن الثامن عشر، فقد جرى تصميمه بعناية ليلائم مكانته الاجتماعية والسياسية، وتبرز في بنائه ملامح الثراء الثقافي للمدينة، إذ يجمع بين الأفنية الواسعة والغرف المزخرفة والقباب المزينة بالنقوش التي تعكس براعة الحرفيين السوريين.

تعرض القصر لأضرار بالغة خلال أحداث الثورة السورية الكبرى بين عامي 1925 و1927، غير أنّه خضع لاحقاً لعمليات إعادة بناء دقيقة أعادت له ألقه، ليحصل في عام 1983 على جائزة الآغا خان للعمارة، وهو ما يؤكد مكانته كأحد أهم المعالم التراثية في المنطقة.

انتقلت ملكية القصر إلى الحكومة السورية عام 1951، ليُعاد توظيفه كمتحف مخصص للفنون والتقاليد الشعبية، حيث بات يستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم، مقدماً لهم صورة حية عن أسلوب الحياة الدمشقية التقليدية بما تحمله من تفاصيل ثقافية وفنية.

أُدرج القصر ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1979 باعتباره جزءاً من مدينة دمشق القديمة، وهو إدراج يعكس قيمته التاريخية على المستويين المحلي والعالمي، كما يبرز أهميته في توثيق الإرث الثقافي السوري الممتد عبر القرون.

قصر العظم - ويكيبيديا

يتميز القصر ببنيته الداخلية الغنية بالتفاصيل، إذ تتوزع فيه الغرف حول أفنية مفتوحة تتخللها نوافير مياه وزخارف نباتية، فيما تعكس الزخارف الجدارية والأسقف الخشبية المطعمة إبداع الحرفيين الدمشقيين الذين صاغوا هوية معمارية خاصة بالمدينة.

يجذب القصر السياح والباحثين المهتمين بالتراث العثماني والعمارة العربية التقليدية، حيث يقدم تجربة ثقافية متكاملة تجمع بين المعروضات التاريخية والأجواء الدمشقية الأصيلة، ليكون بذلك نافذة على ماضي المدينة كمركز حضاري بارز.

تعددت الأدوار التي لعبها القصر عبر الزمن، فقد كان مسكناً فخماً في البداية، ثم تحول إلى مركز ثقافي ومعرض دائم للتراث، ما يجعله شاهداً على قدرة المباني التاريخية على التكيف مع المتغيرات والاحتفاظ بدورها الحيوي.

يسهم القصر في ترسيخ الوعي بأهمية حماية التراث السوري، كما يقدم مثالاً على العمارة المستدامة التي استغلت الموارد المحلية بمهارة، ويظل مصدر إلهام للزوار لما يحمله من جمال معماري وقيمة حضارية.

يبقى قصر العظم رمزاً لصمود دمشق أمام التحديات، وشاهداً على غناها الثقافي الممتد، فهو يجسد روح المدينة التي حافظت على هويتها المعمارية، وينقل للأجيال القادمة إرثاً معمارياً وثقافياً لا يزال يثير الإعجاب.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار