تمثل قرية الجميل التراثية نموذجاً حياً للحياة القطرية التقليدية في القرن التاسع عشر، حيث تحتفظ هذه القرية الساحلية بتاريخ طويل يعكس طبيعة الاستقرار المجتمعي وبساطة العيش في مناطق الشمال الغربي من البلاد، وتعد اليوم من الوجهات التي تفضلها العائلات المحلية خلال عطلات نهاية الأسبوع لما تحمله من ارتباط بالتراث وجذور الأجداد، رغم أن الموقع غير متاح حالياً للجمهور.
تقع القرية على الساحل الشمالي الغربي لدولة قطر، وكانت تسكنها قبيلة الكبيسي التي استوطنت المنطقة وشيدت مساكنها بما توفر من المواد المحلية وأساليب البناء التقليدية، وتضم القرية مجموعة من المباني التي لا تزال تحتفظ بهيكلها الأصلي، وفي مقدمتها مسجد صغير ما تزال مئذنته قائمة، وتشهد على البنية الدينية والاجتماعية التي شكلت نسيج الحياة اليومية في تلك المرحلة.
يرجع تاريخ القرية إلى بدايات القرن التاسع عشر، واستمر السكان في العيش بها حتى منتصف القرن العشرين، قبل أن تتوقف الحياة تدريجياً بسبب تحولات اقتصادية واجتماعية فرضت الهجرة إلى مناطق حضرية أكبر.
ومع ذلك، بقيت القرية بمبانيها وموقعها وتفاصيلها المعمارية شاهدة على ملامح الحياة القديمة في قطر، ومرجعاً بصرياً يوثق كيف كان الناس يعيشون ويتنقلون ويتجمعون في بيئة طبيعية صعبة لكنها مألوفة ومستقرة.
يشكّل المسجد أبرز معلم ديني في القرية، ويعبّر من خلال تصميمه وبنائه عن اعتماد الأهالي على الموارد المتاحة، فقد بني من الحجر والطين واستخدمت الأخشاب المحلية في السقف، وما تزال مئذنته الصامدة حتى اليوم تعكس طابع العمارة المحلية المتأثرة بالوظيفة الدينية والتقاليد الإسلامية، كما أن تخطيط المنازل وأزقتها الضيقة يوحي بطبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة على الجيرة والتعاون وتبادل الخدمات.
ورغم توقف النشاط اليومي في قرية الجميل، إلا أنها ما زالت حاضرة في ذاكرة المجتمع القطري، وتحظى باهتمام المهتمين بالتراث والمحافظة عليه، حيث تمثل نموذجاً مثالياً لدراسة أساليب الحياة قبل الطفرة النفطية، وتعد موقعاً يمكن أن يسهم مستقبلاً في إثراء مشاريع السياحة الثقافية، إذا ما تم تطويره بعناية وإعادة تأهيله ليكون نافذة حية على الماضي.
المصدر: متاحف قطر
