تُعتبر “الحرحورة الحمصية”، التي تحمل الاسم الشعبي المثير للفضول “طقت ماتت”، واحدة من أشهر أطباق المقبلات التي تزين المائدة السورية، وهي أكلة ارتبط ظهورها برواية عائلية طريفة.
تحكي القصص الشعبية المتداولة أن هذا الطبق ظهر لأول مرة في منزل كان يجمع رجلاً بزوجتين غير متفقتين، حيث كان الخلاف وعدم الوفاق أمراً دائماً بسبب قاعدة “الضرة مرّة”، اشتهرت الزوجة الأولى بكيدها المستمر وحياكة المؤامرات لإثارة استفزاز الزوجة الثانية، التي كانت على النقيض تتمتع بذكاء وحيلة واسعة.
قضى زوج السيدتين يومه في العمل والكد والتعب، وكان يعود في نهاية اليوم إلى المنزل للراحة وتناول الطعام وقضاء الليل مع إحدى زوجاته بالتناوب، عادت الزوجة الثانية يوماً لتحضير وجبة سمك شهية لزوجها، الذي كان من المقرر أن يقضي ليلته عندها، وشاهدت الزوجة الأولى تلك التحضيرات، انتهزت الزوجة الأولى فرصة خروج ضرتها لاستقبال الزوج، ودخلت المطبخ بهدوء، وأكلت كل السمك المعد للوجبة، ولم تترك منه شيئاً غير حسك العظام.
طلب الرجل المتعب من زوجته بعد أن دخل المنزل أن تحضر له طعام العشاء فوراً لأنه جائع جداً، ولم يكن يطيق الانتظار أكثر، وجدت الزوجة الثانية أن ضرتها قد أفسدت الوجبة ودبرت لها مكيدة، ففكرت ملياً في كيفية التصرف دون إثارة خلاف جديد أمام زوجها الجائع، قررت الزوجة الثانية أن الزوج متعب ويجب ألا تشغله بخلافاتها، وأنه جائع ويجب أن تحضر له طعاماً سريعاً، فكانت تلك اللحظة هي التي أظهرت الحرحورة الحمصية إلى الوجود.

أخذت الزوجة الذكية طبقاً، وكسرت فيه قطعاً من الخبز اليابس، ثم بدأت بإضافة المكونات المتاحة لها، حتى اكتمل الطبق بشكل مفاجئ، شبع الزوج من الطبق الجديد وغير المتوقع ونام سعيداً، دون أن يشعر بأي نقص أو خلاف، ولم يعرف حقيقة ما حدث للسمك، سألت الزوجة الأولى ضرتها في صباح اليوم التالي عن عشاء الأمس، لتؤكد لها الزوجة الثانية أن زوجها أكل سمكاً حتى شبع ونام على الفور، شهقت الزوجة الأولى من الغيظ والاستغراب، فكشفت بذلك التهمة على نفسها، بينما ضحكت الزوجة الثانية، ما تسبب للأولى بحالة من الجنون، تطورت إلى ترك المنزل وهزيمتها.
بات هذا الطبق البسيط سبباً لخلاص الزوجة الثانية من كيد ضرتها وحسدها وغيظها، ومن هنا جاءت تسمية “طقت ماتت” للتعبير عن الغيظ الشديد، يُعدّ هذا الطبق عزيزاً على القلوب في محافظة حمص، كما أنه حاضر دائماً على الموائد في شتى المناطق السورية بوصفه طبق مقبلات مميز.
يتألف هذا الطبق من مجموعة من المكونات البسيطة جداً، والتي يمكن دمجها مع بعضها خلال أقل من خمس دقائق، ليكون بعدها جاهزاً للأكل بشكل فوري.
يُستخدم في تحضير الحرحورة دبس الفليفلة الحار والحلو، ويمكن إضافة ملعقة صغيرة من رب البندورة لتعزيز اللون والنكهة، ثم تُضاف باقي العناصر، تُضاف المكونات الأساسية مثل الجوز المطحون وزيت الزيتون وعصير الليمون والملح والكمون وملعقتين من الطحينية، والتي تمنحه قوامه الفريد، تُخلط هذه المكونات جيداً حتى تتجانس مع الخبز المكسور، وتُضاف كمية إضافية من زيت الزيتون على وجه الطبق لتقديمه.
يُفضّل البعض إضافة مكون آخر يعتبره أساسياً في تحضير الحرحورة، وهو الكعك المطحون الذي يعطي الطبق قواماً أكثر تماسكاً وتجانساً، لا يؤثر استخدام الكعك المطحون على زمن تحضير الطبق القصير جداً، مما يحافظ على خصوصية الحرحورة الحمصية كوجبة سريعة الإعداد، لا يتم عادةً استخدام البرغل في إعداد هذا الطبق لأنه يتطلب وقتاً مضاعفاً في التحضير، ويحتاج إلى النقع في الماء لمدة لا تقل عن نصف ساعة، مما يتنافى مع ميزة التحضير الفوري.
المصدر: ويكيبيديا