الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » المعالم التاريخية » صيدا.. مدينة فينيقية تحتضن التاريخ والتراث اللبناني العريق

صيدا.. مدينة فينيقية تحتضن التاريخ والتراث اللبناني العريق

يبرز اسم مدينة صيدا كواحدة من أبرز الحواضر التاريخية في لبنان، فقد شكّلت عبر قرون طويلة نقطة التقاء حضارات متعددة، واستطاعت أن تحافظ على مكانتها كمدينة مأهولة منذ أزمنة الفينيقيين حتى اليوم، وهي ثالث أكبر مدن لبنان وأكبر مدن الجنوب، وتعتبر من أقدم المدن الفينيقية في العالم، وقد انعكس هذا العمق التاريخي على معالمها التي تروي قصص ماضيها المتنوع، إذ تحتضن القلاع والآثار والمعابد، إلى جانب الأسواق القديمة التي لا تزال تنبض بالحياة.

آثار قديمة وتاريخ عريق.. إليك (بالصور) أماكن السياحة في صيدا لبنان

تتزين صيدا بقلعتها البحرية التي بناها الصليبيون عام 1228 فوق جزيرة صغيرة ملاصقة للشاطئ، وقد مثّلت عبر تاريخها حصناً عسكرياً يردع الغزاة ويحمي الميناء الحيوي للمدينة، كما تضم القلعة البرية التي اشتهرت باسم قلعة المماليك، حيث تعكس بقايا المعابد والأبنية القديمة صورة عن تطور العمران في تلك الحقبة، فيما يقف معبد أشمون القريب منها كأحد أبرز المواقع الأثرية الفينيقية، مؤكداً أن صيدا كانت مركزاً دينياً وحضارياً بارزاً منذ آلاف السنين.

يتجول الزائر في أحياء صيدا القديمة فيكتشف سوقها العريق الذي يتميز بأزقته الضيقة ومتاهاته الملتفة، حيث تعرض محلاته الصغيرة منتجات حرفية تقليدية ما زالت تحافظ على طابعها المحلي، فيجد الزائر الصناعات النحاسية والمطرزات والأقمشة، إضافة إلى المأكولات الشعبية التي تُعد جزءاً من تراث المدينة الاجتماعي، كما يحظى متحف الصابون بمكانة خاصة، إذ يعرض تاريخ صناعة الصابون التي اشتهرت بها المدينة، مقدماً توثيقاً لمسار صناعي طويل ارتبط بحياة أهلها.

ولا يقتصر التراث المعماري في صيدا على القلاع والأسواق، بل يمتد ليشمل الخانات القديمة مثل خان الإفرنج الذي كان مركزاً تجارياً نشطاً ومكاناً لإقامة التجار والمسافرين، وهو اليوم شاهد على دور المدينة كمحطة عبور أساسية في طرق التجارة القديمة، كما تضم المدينة مساجد عريقة كالجامع العمري الكبير، وكنائس قديمة ما تزال تستقطب المؤمنين وتبرز التنوع الديني في صيدا.

معلومات عن مدينة صيدا - موضوع

تحافظ صيدا على تقاليدها الاجتماعية من خلال الأعياد والاحتفالات الشعبية، وخاصة في شهر رمضان حين تمتلئ شوارعها بالزينة وتحيي العائلات سهرات تراثية، ما يعزز الألفة بين سكانها، وتبقى المدينة القديمة ببيوتها الحجرية وأزقتها الضيقة من أبرز الأماكن التي تعكس روح الماضي، حيث يشعر الزائر بعبق التاريخ يتناثر في تفاصيلها اليومية، كما أن صيدا جزء من القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو ضمن المركز التاريخي للمدينة، ما يمنحها قيمة إضافية على خريطة التراث العالمي.

تطرح صيدا نفسها كمدينة تجمع بين التراث والواقع المعاصر، فهي لا تزال تحافظ على روحها القديمة في الوقت الذي تسعى فيه للاندماج في حاضر لبنان الحديث، ويجعل هذا التوازن منها مدينة نابضة بالتاريخ والثقافة معاً، وهو ما يؤكد مكانتها كجوهرة الجنوب اللبناني ومتحف مفتوح يروي حكاية قرون طويلة من التفاعل بين الحضارات.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار