يمتد شارع الحمام العريق في قلب مدينة السلط بمحافظة البلقاء، وقد تأسس بين عامي 1881 و1918 خلال العهد العثماني ليكون واحداً من أهم الشوارع التاريخية التي لا تزال تحتفظ بروح الماضي، وتتميز أرضيته المرصوفة بالحجارة التي تحمل بصمات الزمن وتعكس عمق التاريخ الذي شهدته المدينة، مما يجعله من أبرز المعالم التراثية في الأردن.
تزين جوانب الشارع مبانٍ تاريخية ذات طابع معماري مميز يجمع بين الأصالة المحلية والتأثيرات العثمانية، وتروي كل واجهة من هذه الأبنية قصة مختلفة عن العائلات والتجار الذين سكنوا السلط وأثروا في حياتها الاقتصادية والاجتماعية، كما تعكس هذه المباني الفن العمراني الذي ازدهر في تلك الحقبة، ليبقى الشارع شاهداً على العصر الذهبي للمدينة.
يحتضن شارع الحمام معالم معمارية بارزة تجذب الزوار والمهتمين بالتراث من مختلف الأماكن، ويعكس طبيعة الحياة اليومية والتجارية التي عاشها سكان السلط قديماً، إذ كان مركزاً للتبادل التجاري والأنشطة الثقافية، ويمثل اليوم محطة مهمة للزائرين الراغبين في استكشاف تاريخ المدينة من خلال أزقتها وأبنيتها التي تحافظ على أصالتها.
أدرجت منظمة اليونسكو الشارع ضمن قائمة التراث العالمي في عام 2021 كجزء من إدراج مدينة السلط تحت شعار “مدينة التسامح والضيافة الحضارية”، ويعزز هذا الاعتراف مكانة شارع الحمام كرمز ثقافي يعكس تاريخ المدينة وقيمها الإنسانية، كما يسهم في حمايته من التغيرات الحديثة وضمان استمراره كجزء من التراث العالمي المشترك.
يجذب الشارع السياح بجماله التاريخي وأجوائه التي تمزج بين سحر الماضي ونبض الحاضر، ويوفر تجربة غامرة للزائر تأخذه في رحلة عبر الزمن للتعرف على قصص السلط وتراثها العريق، ويتيح فرصة لاكتشاف أوجه الحياة الاجتماعية التي ميزت المدينة وجعلتها مركزاً للتعايش الثقافي والتنوع الإنساني.
يعكس شارع الحمام روح التسامح التي اشتهرت بها السلط عبر العصور، فقد كان ملتقى للتجار والسكان من خلفيات مختلفة، وجسد قيم التعايش والتعددية الثقافية التي صنعت هوية المدينة، كما ارتبط في ذاكرة أهل السلط كمكان نابض بالحياة يعكس وحدتهم وتنوعهم في آن واحد.
تتجلى في أركان الشارع تفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية خلال العهد العثماني، إذ كان مركزاً للأسواق والتجمعات الشعبية، وحافظ رغم مرور الزمن على أصالته وسط التغيرات التي شهدتها المدينة، ليبقى شاهداً على استمرارية التراث في مواجهة الحداثة.
يستقطب الشارع اليوم عشاق التاريخ والتراث بما يقدمه من مزيج معماري وزخارف مميزة، ويظل رمزاً للإرث الحضاري للمدينة ووجهة سياحية وثقافية رئيسية، حيث يروي كل ركن فيه حكاية من الماضي تجمع بين الأصالة والقصص الإنسانية التي تعكس روح السلط.
يواصل شارع الحمام دوره كنبض ثقافي في المدينة، إذ يلهم الزوار بجماله وروحه الحية، ويظل رمزاً للتسامح والضيافة في قلب الأردن، كما يشكل جزءاً لا يتجزأ من هوية السلط التاريخية التي تمزج بين سحر الماضي وتطور الحاضر في مشهد واحد.
المصدر: ويكيبيديا