يقع سد العقرب الأثري في منطقة الطائف التابعة لمنطقة مكة المكرمة، حيث يمثل واحدًا من أبرز الشواهد المائية القديمة في المملكة العربية السعودية، ويبلغ طول السد 113 مترًا، بينما يصل ارتفاعه إلى نحو 4 أمتار، وعرضه إلى 5 أمتار، وهو تصميم بسيط في مظهره لكنه متقن في تفاصيله، إذ يتكون من جدارين حجريين متوازيين يفصل بينهما ركام داعم.
يمتاز السد بثلاثة جدران منخفضة تساعد على تحويل تدفق المياه بكفاءة، كما يضم قناة مائية مركزية بعرض يقارب 0.8 متر، وهي قناة مبطنة بالحجارة المسطحة لتسهيل انسياب المياه، وقد صُمم هذا النظام الهندسي بعناية ليعكس مدى فهم الأجداد لطرق التحكم في الموارد المائية وتنظيمها بما يخدم المجتمع المحلي.
وتقع بالقرب من السد بلدة قديمة تحتوي على صهريج مائي يرتبط بشبكة قنوات متطورة، ما يشير إلى الدور الحيوي الذي أداه السد في الحياة الزراعية قديمًا، إذ لم يكن مجرد جدار لتجميع المياه، بل كان جزءًا من منظومة متكاملة وفرت الإمدادات المائية ودعمت استقرار السكان ونشاطهم الزراعي.
يحمل السد قيمة تاريخية وثقافية مهمة جعلته يُدرج ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت عنوان “إدارة المياه في المملكة العربية السعودية: السدود القديمة”، وهو تصنيف يسلط الضوء على مكانته كجزء من الإرث الحضاري الذي يعكس مسيرة الإنسان في مواجهة قسوة البيئة.
ويبرز سد العقرب كرمز للابتكار الهندسي في فترة ما قبل تقنيات البناء الحديثة، إذ برهن على قدرة المجتمعات القديمة على التكيف مع التحديات المناخية وندرة المياه، كما يظل شاهدًا على جهود الاستدامة في العصور الماضية، وهو ما يمنحه قيمة معاصرة تتجاوز حدود التاريخ.
ويجذب السد اليوم اهتمام الباحثين في مجال الآثار والهندسة المائية، إلى جانب الزوار المهتمين باكتشاف التراث السعودي، حيث يوفر فرصة لفهم تفاصيل العمارة التقليدية وأثرها على المجتمع، كما يسهم في تعزيز الوعي بأهمية صون هذه المواقع الأثرية التي تمثل ركيزة للتاريخ المحلي.
وتعمل الجهود الحالية على إدماج سد العقرب ضمن المسارات السياحية والثقافية، بما يعزز مكانته كموقع يعكس الجمع بين التاريخ والهندسة، ويحفز على استدامة الإرث المائي، وهو ما يجعل منه نموذجًا يُحتذى في إبراز قيمة التراث الوطني وربطه بالحاضر.
المصدر: ويكيبيديا