الثلاثاء 1447/04/01هـ (23-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المملكة العربية السعودية » مرئي » الآثار » سد الصهباء شاهد على عبقرية هندسة المياه القديمة بالمدينة المنورة

سد الصهباء شاهد على عبقرية هندسة المياه القديمة بالمدينة المنورة

يقع سد الصهباء جنوب شرق قرية الثمد في محافظة خيبر بالمدينة المنورة، ويُعرف محليًا باسم سد البنت، وهو من أبرز الشواهد التاريخية على براعة الإنسان القديم في إدارة الموارد المائية وسط بيئة صحراوية قاسية.

يرجع تاريخ بناء السد إلى فترة ما قبل الإسلام، ما يجعله واحدًا من أقدم النماذج الهندسية في المنطقة، حيث اعتمدت الحضارات السابقة على تشييده لتأمين مصادر المياه وضمان استمرارية الحياة الزراعية.

لعب السد دورًا محوريًا في تجميع مياه الأمطار وتخزينها، الأمر الذي ساعد على ري الأراضي الزراعية المحيطة، كما ساهم في دعم المجتمعات المحلية بالموارد الأساسية التي مكنتها من مواجهة مواسم الجفاف.

يمتاز السد بتصميمه الحجري المتين الذي صمد لعصور طويلة، حيث بُني باستخدام تقنيات تقليدية دقيقة تعكس وعيًا هندسيًا متقدمًا، وقدرته على مقاومة عوامل التعرية حتى اليوم تكشف عن جودته.

الصهباء» أقدم السدود التاريخية الفريدة في «خيبر»

رُشح السد للإدراج في القائمة الإرشادية لليونسكو ضمن مواقع إدارة المياه القديمة، وهو ما يؤكد أهميته كجزء من التراث الثقافي العالمي، ويبرز دوره في إبراز مساهمة الجزيرة العربية في الابتكار الهندسي المبكر.

يجذب سد الصهباء اهتمام الباحثين في مجالات الهندسة الأثرية والتاريخ الإسلامي، حيث يقدم نموذجًا حيًا لكيفية تعامل المجتمعات القديمة مع التحديات البيئية، فيما يمنح الزوار فرصة للتعرف على إرث مائي فريد.

تواجه بقايا السد تحديات ناتجة عن العوامل الطبيعية مثل التعرية الصحراوية، وهو ما دفع الجهود المحلية إلى تكثيف مبادرات الترميم لحماية هيكله وضمان استمرارية وجوده كمعلم تاريخي بارز.

تشهد المنطقة تنظيم جولات سياحية للتعريف بالموقع، حيث توفر مراكز الزوار معلومات وافية حول تاريخه ووظيفته، كما تساهم هذه الأنشطة في تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز الوعي بقيمة التراث.

يمثل السد رمزًا لتكيف الإنسان مع البيئة، فقد جسد ذكاء المجتمعات القديمة في ابتكار حلول لمشكلة ندرة المياه، وهو شاهد واضح على أهمية الإدارة المستدامة للموارد في تاريخ المنطقة.

تعمل السلطات على تطوير البنية التحتية السياحية المحيطة بالموقع من خلال تحسين المرافق والخدمات، بما يسهل تجربة الزوار ويجعل السد وجهة بارزة ضمن معالم المدينة المنورة التراثية.

تواصل الدراسات الأثرية توثيق تاريخ السد وكشف المزيد من تفاصيله، حيث تؤكد الاكتشافات الجديدة قيمته كمعلم هندسي وحضاري، فيما تركز المبادرات الثقافية على الترويج له محليًا وعالميًا.

يبقى سد الصهباء شاهدًا حيًا على قدرة الأجداد في مواجهة تحديات الطبيعة، وهيكله الصامد يحكي قصص الابتكار والاستدامة، ليشكل دعوة مفتوحة لاستكشاف أحد أبرز ملامح التراث العربي القديم.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار