تمثل قرية زوما شاهدًا حيًا على الحضارة الكوشية في السودان، وتقع جنوب جبل البركل ضمن منطقة نوبية غنية بالآثار، لتكون معلمًا أثريًا بارزًا يروي قصص العصور القديمة ويبرز الإبداع الفني والمعماري الذي ميّز مملكة كوش، ويجذب الباحثين والزوار المهتمين بالتراث التاريخي.
تضم زوما مقبرة كوشية قديمة، وتبرز تفاصيل الطقوس الجنائزية والاحتفالات المرتبطة بها، كما تعكس تنظيمًا اجتماعيًا وثقافيًا متقدمًا، وتوفر من خلالها دراسة معمقة لحياة النوبيين وعاداتهم وممارساتهم الدينية، مما يجعلها مصدرًا غنيًا لفهم تاريخ المنطقة ونقل إرثها للأجيال الحديثة.
أدرجت زوما عام 2003 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كجزء من جبل البركل والمواقع النوبية، ليعزز هذا الاعتراف مكانتها الدولية ويؤكد أهميتها الثقافية، ويجعلها واحدة من النقاط الرئيسة على خريطة السياحة الأثرية العالمية، ويؤكد دورها في صون تاريخ الشعوب القديمة وترسيخ الهوية الوطنية.
تظهر النقوش والتصاميم في المقبرة براعة الكوشيين في التعبير الفني، كما تحيط بالموقع مناظر طبيعية تضفي جمالية استثنائية، وهو ما يجعله وجهة للباحثين الذين يدرسون الفن النوبي والطقوس الدينية، كما يساعد في فهم العلاقة بين الإنسان والبيئة في تلك الفترة، ويكشف مهاراتهم في التعمير والتنظيم الحضري.
يسهم الموقع في تعزيز الهوية الثقافية للسودان، ويجذب علماء الآثار والسياح المهتمين بالتراث النوبي، كما يرفع الوعي الشعبي بأهمية حماية هذا الإرث، ويعمل كمنصة لتشجيع الشباب على دراسة التراث الأثري واستكشاف جذورهم، بما يعزز الفخر الوطني والاتصال المباشر بالماضي الحضاري.
تواجه زوما تحديات بيئية تشمل التعرية والتغيرات المناخية، وهو ما يتطلب جهودًا متواصلة للحفاظ على سلامة المقبرة والنقوش، وقد باتت هذه الجهود أولوية وطنية للحفاظ على إرث الحضارة الكوشية، كما تضمن استدامة الموقع كمورد ثقافي وتاريخي للأجيال القادمة.
تعمل السلطات المحلية على تنفيذ مشاريع ترميم دورية للموقع، مع التركيز على صيانة المباني والنقوش الأثرية وحماية الموقع من التدهور، إضافة إلى توثيق الاكتشافات الجديدة، بما يسهم في الحفاظ على دقة المعلومات التاريخية ورفع قيمتها العلمية والثقافية على المستوى المحلي والعالمي.
يجسد الموقع ارتباط النوبيين بأرضهم وتاريخهم، ويروي قصصًا عن معتقداتهم وعاداتهم اليومية، كما يعكس قوة التنظيم الاجتماعي والسياسي للمملكة الكوشية، ويظل زوما رمزًا حيًا للإرث الحضاري الذي يربط الماضي بالحاضر ويحفز الأجيال على الاهتمام بثقافتهم.
يشكل الموقع جسرًا يربط بين الماضي والحاضر، ويبرز مهارة الكوشيين في تنظيم المقابر وبناء الموروثات المعمارية، وتتيح زيارته تجربة تاريخية ممتعة وفريدة، كما تبرز أهمية الحفاظ على التراث الإنساني العالمي ونشر الوعي الثقافي، ليظل شاهدًا على عظمة الحضارة النوبيّة وإبداعها.
المصدر: ويكيبيديا