الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » الآثار » دير الأنبا مقار الكبير شاهد على عمق التراث القبطي في مصر

دير الأنبا مقار الكبير شاهد على عمق التراث القبطي في مصر

يعتبر دير القديس أنبا مقار الكبير في وادي النطرون بمحافظة البحيرة من أبرز الأديرة القبطية الأرثوذكسية في مصر، إذ تأسس عام 360 ميلادي على يد القديس أنبا مقار الكبير الذي يعد من أعلام الرهبنة المصرية، وما زال الدير مأهولاً بالرهبان منذ نشأته وحتى اليوم، وهو ما يعكس استمرارية الحياة الرهبانية في هذا المكان لأكثر من ستة عشر قرناً متواصلة.

يضم الدير سبع كنائس أثرية تحمل طابعاً معمارياً مميزاً يعبر عن روح الرهبنة القبطية، كما يحتوي على مساكن للرهبان ومرافق أخرى تلبي احتياجات الحياة اليومية داخل أسواره، ويعد الدير مقصداً دينياً وسياحياً لعدد كبير من الزوار والباحثين، حيث يأتون للتعرف على تاريخه الغني والاستمتاع بأجوائه الروحية الهادئة، فضلاً عن كونه مركزاً للحياة الدينية والدراسات اللاهوتية.

يشكل الدير جزءاً رئيسياً من النسيج التاريخي لوادي النطرون الذي يضم مجموعة من أقدم الأديرة المسيحية في العالم، ويبرز دير الأنبا مقار بدوره كمحطة محورية في تطور الرهبنة القبطية، إذ احتضن على مر العصور عدداً من كبار الرهبان والآباء الروحيين الذين أسهموا في صياغة الفكر الديني والروحي، وهو ما جعله مدرسة حية للرهبنة ومقصداً للباحثين في التراث المسيحي.

دير أبو مقار.. أسسه "مقاريوس" وعمره "المسكين" وقتل داخله "إبيفانيوس" - الوطن

يمتاز الدير بمكانته التاريخية والروحية التي أهلته ليكون ضمن العناصر المدرجة على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت عنوان “أديرة الصحراء العربية ووادي النطرون”، ويأتي هذا الإدراج اعترافاً بأهمية الدير كجزء من التراث الثقافي العالمي الذي يحتاج إلى الحماية والتوثيق، كما يعكس القيمة الاستثنائية التي يمثلها الموقع في تاريخ المسيحية المصرية.

يحافظ دير الأنبا مقار على تقاليده الروحية الراسخة، حيث تتواصل فيه الصلوات اليومية والاحتفالات الدينية، ويستمر في جذب الزوار من داخل مصر وخارجها، ويشكل وجود الرهبان فيه حتى اليوم دليلاً على حيوية الحياة الدينية التي لم تنقطع منذ تأسيسه، كما يساهم الدير في إبراز العمق التاريخي للهوية الدينية والثقافية المصرية.

يظل الدير واحداً من الشواهد الحية على استمرارية الرهبنة في الصحراء المصرية، فهو ليس فقط مكاناً للعبادة بل أيضاً مركزاً للتأمل والدراسة الروحية، ويعكس قدرة الإنسان على بناء مؤسسات دينية متجذرة في بيئة صحراوية قاسية، ليظل شاهداً على مسيرة طويلة من الإيمان والعطاء الروحي الممتد عبر القرون.

المصدر: الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار