الجمعة 1447/02/28هـ (22-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » الآثار » تدمر موقع تاريخي يجسد التقاء الحضارات وتنوّع الثقافات في الشرق القديم

تدمر موقع تاريخي يجسد التقاء الحضارات وتنوّع الثقافات في الشرق القديم

يقع موقع تدمر الأثري في وسط الصحراء السورية على مسافة تقترب من 215 كيلومتراً شمال شرق العاصمة دمشق ، ويعد من أبرز المواقع التاريخية التي جسّدت التقاء الحضارات وتنوّع الثقافات في الشرق القديم ، إذ كانت المدينة نقطة التقاء حيوية بين طرق التجارة التي ربطت بين الشرق والغرب عبر قرون طويلة.

شهدت المدينة ازدهاراً استثنائياً في العصور الرومانية واليونانية ، وامتزج فيها التأثير الآسيوي مع الطابع الغربي في معمارها ومبانيها العامة ، حيث لا تزال آثار مثل شارع الأعمدة والمسرح الروماني ومعبد بعلشمين شاهدة على ذلك الثراء الحضاري ، وقد أدرجت منظمة اليونسكو موقع تدمر على قائمة التراث العالمي في عام 1980 ، ما عزز من أهميته الثقافية والتاريخية على المستوى العالمي.

تدمر | Patrimoine Proche-Orient

تميّزت تدمر بموقعها الجغرافي المحوري في واحة صحراوية وسط البادية السورية ، وهو ما جعلها مركزاً تجارياً مهماً في العصور القديمة ، حيث كانت تستقبل القوافل التجارية التي تعبر من الهند وفارس باتجاه البحر الأبيض المتوسط ، ووفدت إليها أفكار وثقافات من مختلف مناطق العالم القديم ، مما جعلها بوتقة انصهرت فيها مؤثرات معمارية ودينية متعددة.

يشكّل شارع الأعمدة العمود الفقري للموقع الأثري بطوله الممتد وموقعه المركزي ، بينما يبرز المسرح الروماني كأحد أهم المعالم التي تعود للقرن الثاني الميلادي ، ويُعدّ معبد بعلشمين من أبرز الرموز الدينية التي تدل على الطقوس الوثنية التي سادت في المدينة ، إلى جانب قوس النصر الذي كان يمثل بوابة العبور الرئيسية إلى المدينة ، فيما تطل قلعة فخر الدين المعني على الموقع من الأعلى ، وتشكل وادي القبور الجزء الجنائزي البارز في البنية العمرانية لتدمر.

مثّلت المدينة القديمة أيضاً وجهة رئيسية للسياحة الثقافية قبل اندلاع الحرب ، إذ استقطبت آلاف الزوار سنوياً ممن جاؤوا لمشاهدة تلك الآثار الممتدة في عمق الزمن ، كما كان متحف تدمر يضم مجموعة كبيرة من التماثيل والنقوش التي تعكس مستوى الفن التدمري في العصور المختلفة.

جولة لآثار تدمر: روعة المعالم الاثرية السورية القديمة

لكن مع اندلاع الصراع في سوريا ، تعرّض الموقع لأضرار كارثية ، إذ تم تدمير العديد من المعالم الأثرية على يد تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على المنطقة ، ما أدى إلى فقدان أجزاء كبيرة من التراث الثقافي السوري ، وقد دفعت تلك الاعتداءات اليونسكو إلى إدراج تدمر في قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر ، وهو ما سلّط الضوء على الحاجة إلى حماية هذا الموقع والعمل على ترميم ما تبقى منه.

تعكس تدمر واحدة من أبرز صور الحضارة السورية في التاريخ الإنساني ، وتجسّد قيمة ثقافية لا تقدّر بثمن ، ويظل مستقبلها مرهوناً بجهود حقيقية لإعادة الإعمار الأثري وصون الذاكرة البصرية والحضارية التي شكّلتها المدينة على مدى قرون.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار