الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الأردن » مرئي » الطعام » المفتول الشامي يوحد النكهة والتراث في طبق ريفي متوارث.

المفتول الشامي يوحد النكهة والتراث في طبق ريفي متوارث.

يُحضّر المفتول كأحد الأطباق الشامية التي تعبّر عن روح المطبخ التقليدي الممتد بين فلسطين والأردن وسوريا، ويُعد من الوجبات التي تجمع بين البساطة والعمق في المذاق، إذ يعتمد على حبيبات صغيرة من البرغل والدقيق تُصنع يدويًا بعناية لتشكيل كرات متماسكة تُطهى على البخار، ويُقدّم عادة في المناسبات العائلية والأعياد كرمز للضيافة ودفء المائدة الريفية، حيث تتوارث الأجيال طريقة تحضيره بنفس الدقة والاهتمام.

يبدأ إعداد المفتول بخلط البرغل بالدقيق الأبيض والأسمر مع القليل من الماء والزيت، ثم تُفتل المكونات بالأيدي حتى تتكوّن كرات صغيرة متجانسة تُجفف قليلًا قبل أن تُطهى بالبخار، وتُعرف هذه العملية باسم “التهبيل” وهي مرحلة دقيقة تحدد قوام الحبيبات ونعومتها، وبعدها يُطهى الدجاج أو اللحم في مرق غني بالبصل والطماطم والحمص والبهارات التقليدية مثل الكمون وبهارات عين الجرادة، ثم يُسكب المرق فوق المفتول لتتشرب الحبيبات النكهة العميقة وتكتسب اللون الذهبي المميز.

طريقة المفتول الفلسطيني

يُضاف إلى المفتول عادة مزيج من الخضروات الموسمية مثل الجزر واليقطين والطماطم والبصل، حيث تُطهى مع المرق لتعطي الطبق نكهة متوازنة بين الملوحة والحلاوة، ويُقدَّم عادة في أوعية كبيرة تجمع أفراد العائلة حولها، في مشهد يعكس الطابع الاجتماعي للمائدة الشامية، ويُعتبر المفتول من الأطباق التي تجمع بين القيمة الغذائية العالية والطابع التراثي، إذ يحتوي على الحبوب والبقوليات والبروتين في وجبة واحدة مشبعة وصحية.

يُعرف الطبق في بعض المناطق باسم “المغربية”، وهي تسمية تعود إلى الشبه الكبير بينه وبين الكسكس المغاربي من حيث الشكل وطريقة التقديم، لكن مع اختلاف في المكونات وطريقة التبهير، حيث يمتاز المفتول باستخدام زيت الزيتون الفلسطيني والبهارات الشامية التي تمنحه نكهة أعمق وأقرب إلى المذاق الريفي، كما يُحضّر في القرى الفلسطينية والأردنية بطريقة يدوية تقليدية تُعتبر جزءًا من التراث الشعبي، إذ تُشارك النساء في فتل الحبيبات جماعيًا في المناسبات، في طقس اجتماعي يوحّد الأسر حول عمل المائدة.

تختلف وصفات المفتول باختلاف المناطق، ففي فلسطين تُضاف أحيانًا الطماطم المعصورة لتغليف الحبيبات بطبقة حمراء غنية، بينما في الأردن يُفضّل البعض استخدام الطماطم المقشرة والمقطعة لتمنح الطبق ملمسًا مختلفًا، ومع تطور الزمن أصبح المفتول يُحضّر بكميات كبيرة ويُخزَّن في المجمدة ليُستخدم لاحقًا، لكنه رغم ذلك ظل محتفظًا بمكانته كوجبة تراثية تُعبّر عن الهوية الغذائية للمشرق العربي وتروي قصة المطبخ الريفي الذي جمع بين الحصاد والبساطة والنكهة الأصيلة.

المصدر: الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار