الأثنين 1447/02/10هـ (04-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » ليبيا » مرئي » الآثار » المسجد العتيق في بنغازي يعكس التاريخ الديني والمعماري للمدينة منذ العهد العثماني

المسجد العتيق في بنغازي يعكس التاريخ الديني والمعماري للمدينة منذ العهد العثماني

يقف المسجد العتيق في قلب مدينة بنغازي وتحديدًا في ميدان البلدية، شاهدًا على تاريخ طويل من الحياة الدينية والمعمارية والاجتماعية، حيث يعود تأسيس هذا المسجد إلى عام 1577 ميلاديًا خلال فترة الحكم العثماني الأول، ويُعتبر من أقدم المساجد التي لا تزال قائمة في المدينة، وقد خضع عبر القرون لعدة مراحل من التطوير والتوسعة والصيانة، ما جعله واحدًا من أبرز معالم بنغازي القديمة وأكثرها ارتباطًا بالهوية الثقافية والدينية للمنطقة.

يتحدث المسجد عن بدايات تأسيس بنغازي كمركز سكني وتجاري في العهد العثماني، فقد شيّده الشيخ عبد السميع القاضي بعد أن انتقل من مدينة مصراتة ليستقر في المدينة ويشارك في تنميتها دينيًا، وشكّل المسجد نقطة انطلاق للأنشطة الدينية والعلمية في محيطه، حيث احتضن حلقات العلم، وخطب الجمعة، وصلاة الجماعة، كما احتفظ بدور أساسي في تنظيم الحياة المجتمعية من خلال موقعه المحوري داخل المدينة.

يقرأ المهتمون بالتراث ملامح العمارة الإسلامية القديمة في مكوناته الداخلية والخارجية، فقد كان للمسجد مئذنة تاريخية شُيّدت وفق طراز عثماني واضح المعالم، إلا أنه تم إزالتها خلال أعمال صيانة جرت في عام 1973، عندما تدخلت الجهات المحلية لإعادة تأهيل المسجد وتطوير بنيته، وهو ما أدى إلى تغييرات معمارية جزئية شملت إزالة بعض العناصر القديمة واستبدالها بأخرى أكثر ملاءمة للظروف الحديثة.

يحرر موقع المسجد داخل ميدان البلدية أهميته من الحيز الديني فقط، ليمنحه طابعًا مدنيًا عامًا، حيث ظل لسنوات طويلة نقطة التقاء لسكان المدينة وزوارها، كما يشكل مرجعًا زمنيًا وعمرانيًا لفهم تطور تخطيط المدينة القديمة، وقد لعب دورًا اجتماعيًا أيضًا، إذ احتضن جنازات، ومناسبات دينية عامة، وكان مرجعية للعديد من الأئمة والخطباء البارزين في بنغازي.

عرض التاريخ في المسجد العتيق لا يكتمل دون الإشارة إلى التغيرات التي لحقت بمكان دفن الشيخ المؤسس، حيث جرت خلال صيانة المسجد في سبعينيات القرن الماضي عملية نقل رفاته إلى خارج المسجد، وهو ما أثار حينها نقاشًا بين المهتمين بالتراث حول الحفاظ على هوية المكان، غير أن المسجد استمر في أداء دوره كموقع ديني رئيسي في بنغازي، وظل يحافظ على طابعه الهادئ والروحاني رغم التحولات المعمارية والوظيفية التي شهدها.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار