السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سلطنة عُمان » غير مادي » فنون الأداء » المديمة.. فن عماني تراثي يروي القدرة على تحمل مشقة العمل البحري

المديمة.. فن عماني تراثي يروي القدرة على تحمل مشقة العمل البحري

يصنف “فن المديمة” كواحد من الفنون الشعبية العمانية العريقة التي تنتمي إلى تراث البحارة والسواحل، ينتشر هذا الفن على نطاق واسع في الولايات الساحلية خاصة في محافظة جنوب الشرقية، وتشتهر به ولاية صور وولاية جعلان بني بو حسن وقريات.

تمحور هذا الفن حول حياة البحر، وكان يؤدى في الأصل على ظهر السفن لكسر الملل وتجديد النشاط، أو على رمال الساحل فور عودة البحارة من رحلاتهم الطويلة، أصبح اليوم يؤدى أيضاً في المناسبات الكبرى كالأعياد الوطنية واحتفالات الزواج والأفراح العامة.

ينتظم البحارة المؤدون لـ”المديمة” في شكل دائري أو في صفوف متقابلة، ويتوسطهم ضاربو الطبول الذين يمثلون القلب الإيقاعي للرقصة، يقوم العقيد، وهو رئيس الفرقة وقائد الأداء، بتولي مهمة الغناء والمحافظة على التسلسل الحركي والغنائي.

تتكون المجموعة الإيقاعية الرئيسية في المديمة من ثلاث آلات أساسية، وهي طبل “المسيندو”، و”الرحماني”، و”الكاسر”، تشارك أحياناً آلات إيقاعية أخرى كآلة “التنك” أو “الباتو” المصنوعة من صفائح معدنية، لتعطي صوتاً مميزاً وحاداً.

وتكون الحركة في المديمة عبارة عن قفزة رشيقة متعددة الاشكال ويتكون ايقاع المديمة من ثلاث نقرات يحددها طبل الكاسر والتنك بينما يزخرفها نقرات من الطبل الرحماني وخبطات عميقة تقلب النبر تصدر عن

يرفع العقيد صوته بالغناء بشلات تحتوي على ألفاظ تمزج بين اللغة العربية وبعض المفردات السواحيلية، في إشارة واضحة للتأثر الإفريقي، يرد عليه مجموعة البحارة بالتصفيق الإيقاعي المتداخل والغناء الجماعي، مما يخلق خلفية صوتية حماسية ومبهجة.

يبدأ الجزء الحركي والراقص عندما يأذن العقيد لأحد البحارة بالإشارة إليه، ليخرج من الصف ويؤدي حركة قفزية سريعة ورشيقة، تتطلب هذه الحركة براعة كبيرة في حفظ التوازن والرشاقة، نظراً لضرورة أدائها على أرض غير مستوية سواء كانت رمالاً أو خشب السفينة.

تتكون الحركة الراقصة النموذجية في المديمة من ثلاث قفزات إيقاعية متتالية، يحدد إيقاعها الرئيسي الطبل الرحماني، يحاول كل بحار يخرج للرقص أن يتفنن ويجود على من سبقه في الحركة، في تحد ودي يهدف إلى إظهار المهارة.

يتفنن البحارة في تنويع أشكال التصفيق بشكل خاص، إذ ينقسمون أحياناً إلى فريقين يصفق كل منهما في توقيت معاكس للآخر، تتداخل هذه التصفيقات بطريقة محفزة، مما يدفع المشاركين إلى التعبير عن حماسهم بصرخات بهجة طويلة ومميزة.

ينظر إلى فن المديمة على أنه استعراض للمهارات الحركية والقدرة على تحمل مشقة العمل البحري، مع الحفاظ على الفرح والطاقة، يعد هذا الفن بذلك، تراثاً حياً يروي قصص الأجداد ويربط الأجيال الحالية بأصالة البحر وتاريخه الغني في عمان.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار