يمثل المتحف المصري أحد أبرز المعالم الحضارية في مصر والعالم، إذ يقع في قلب العاصمة القاهرة ويضم أكبر مجموعة من الآثار المصرية القديمة على مستوى العالم، فقد تم وضع حجر الأساس للمتحف سنة 1897 ثم جرى افتتاحه عام 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني ليصبح مركزاً يحفظ التراث المصري ويوفر للعالم نافذة للتعرف على حضارة تمتد لآلاف السنين.
جاء تأسيس المتحف المصري استجابة لحاجة ملحة لحماية المقتنيات الأثرية التي كانت تتعرض للضياع والنهب، فجمع تحت سقفه آلاف القطع التي تنتمي إلى عصور مختلفة من تاريخ مصر القديمة، من الدولة القديمة والوسطى والحديثة وحتى العصور اليونانية والرومانية، ليشكل بذلك موسوعة متكاملة تقدم صورة شاملة عن تطور الحياة السياسية والدينية والفنية في مصر الفرعونية.
تضم قاعات المتحف قطعاً أثرية فريدة مثل كنوز الملك توت عنخ آمون التي اكتشفت في وادي الملوك عام 1922، والتي تمثل واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، إضافة إلى مجموعة من التماثيل الضخمة والبرديات والمومياوات الملكية التي تعكس التقدم العلمي والديني الذي بلغته الحضارة المصرية القديمة، كما تحتفظ قاعاته بتفاصيل دقيقة عن حياة المصري القديم اليومية وممارساته الطقسية والدينية.
أدرج المتحف المصري ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت المسمى الرسمي “المتحف المصري بالقاهرة”، وهو ما يعكس الاعتراف العالمي بقيمته بوصفه مركزاً للتراث الإنساني المشترك، كما يؤكد أهمية الحفاظ عليه وصيانته في مواجهة التحديات العمرانية والبيئية، خاصة أنه لا يقتصر على كونه مقصداً سياحياً وإنما يعد مؤسسة بحثية وعلمية تسهم في دراسة وفهم الحضارة المصرية.
يشهد المتحف إقبالاً واسعاً من الزوار من مختلف أنحاء العالم الذين يقصدونه للتعرف على ملامح الحضارة الفرعونية، كما يشكل مركزاً تعليمياً للطلاب والباحثين المهتمين بعلم المصريات، ويؤدي دوراً محورياً في تعزيز الهوية الثقافية المصرية عبر إبراز ما حققته الحضارة من إنجازات خالدة، ليظل شاهداً على أن مصر ما زالت تحتفظ بمكانتها كموطن لأعرق حضارة في التاريخ الإنساني.
يظل المتحف المصري رمزاً للتكامل بين التاريخ والهوية، فهو ليس مجرد مكان لحفظ الآثار بل مؤسسة تعكس روح مصر وتقدمها للعالم، كما يمثل جزءاً من التراث العالمي الذي تسعى الجهود الدولية لحمايته، ليبقى معلماً بارزاً في قلب القاهرة يجمع بين الأصالة والرسالة العلمية والحضارية.
المصدر: الوطن