الأحد 1447/04/20هـ (12-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » الملابس » “القندورة” الجزائرية.. أيقونةُ التراثِ النسوي تُتوّجُها اليونسكو عالميًا

“القندورة” الجزائرية.. أيقونةُ التراثِ النسوي تُتوّجُها اليونسكو عالميًا

حافظت الكندورة الجزائرية على مكانتها بوصفها أحد أبرز مكونات التراث الوطني الذي يجمع بين البساطة والأصالة، إذ ارتبطت في الوجدان الشعبي بملامح الهوية الثقافية في الشرق الجزائري الكبير، حيث تتجلى في تفاصيلها الدقيقة مهارة الحرفيين ودقة أنامل النساء اللواتي ورثن فن الخياطة والتطريز عبر الأجيال، لتصبح قطعة لباس تمثل تاريخًا طويلًا من الذوق والفخر والانتماء.

تُعرف الكندورة، التي تُكتب أحيانًا قندورة أو گندورة، بكونها ثوبًا فضفاضًا يُنسج من الصوف أو القطن، وقد تُصمم بأكمام أو من دونها، وتمتاز بخطوطها الملونة الزاهية التي تعكس التنوع الجمالي في الذوق الجزائري، كما تُصنع أحيانًا بلون أبيض بسيط يرمز إلى الصفاء والنقاء، وهو ما منحها حضورًا واسعًا في مختلف مناطق البلاد، خاصة في ولايات الشرق الجزائري التي تعتبرها جزءًا من هوية المرأة في المناسبات والأعراس والاحتفالات.

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” الكندورة ضمن قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، تحت ملف الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير، الذي يشمل معارف ومهارات مرتبطة بخياطة القندورة وصناعة الحلي التقليدية المصاحبة لها، وجاء هذا الإدراج تتويجًا لجهود الجزائر في صون تراثها الثقافي وتعزيز مكانة الصناعات التقليدية التي تمثل ذاكرة الشعوب ووجدانها.

قندورة قسنطينة.. لباس ملكي من تراث الجزائر

تميّزت الكندورة بخطوطها المطرزة وألوانها المتناغمة التي تُنفذ غالبًا بخيوط ذهبية أو حريرية، وتُزيَّن أحيانًا بحلي فضية أو نحاسية تُصنع يدويًا، في مشهد يعكس التزاوج بين الحرفية والإبداع الفني، وقد ساهمت هذه التفاصيل الدقيقة في منحها طابعًا مميزًا يجعلها مختلفة عن بقية الأزياء في شمال أفريقيا، مع احتفاظها بسمات التشابه الثقافي الذي يجمع الجزائر والمغرب وموريتانيا.

ساهمت المرأة الجزائرية في الحفاظ على الكندورة من خلال تعليم بناتها أسرار الحياكة التقليدية، حيث ظلت المهنة تنتقل شفهيًا من جيل إلى جيل، ما جعلها عنصرًا من عناصر الاستمرارية الثقافية في المجتمع، وتُعد الكندورة اليوم شاهدًا على توازن جميل بين الزي الشعبي والموروث الحرفي، كما تُعد مصدر فخر في المناسبات الوطنية التي تحتفي باللباس التقليدي.

شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا من قبل المصممين الجزائريين بإعادة تقديم الكندورة بروح معاصرة، مع الحفاظ على جوهرها التراثي، فظهرت تصاميم جديدة تستخدم أقمشة فاخرة وتفاصيل دقيقة تناسب الذوق الحديث، بينما بقيت وفية لهويتها الأصلية التي تعكس أصالة المجتمع الجزائري وثراء تنوعه الثقافي، وهو ما جعلها حاضرة في المعارض الدولية كرمز من رموز التراث العربي والإسلامي.

تواصل الكندورة الجزائرية اليوم حضورها في البيوت والأسواق والمناسبات، كصوت صامت يحكي تاريخًا طويلًا من الحرفية والذوق الرفيع، وتبقى رمزًا للهوية التي لا تنكسر أمام تغير الزمن، ودليلًا على أن الجمال الحقيقي يولد من الجذور ولا يذوب في الحداثة.

المصدر: سكاي نيوز عربية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار