تحتل أكلة القرنطيطة أو كما تُعرف في بعض المناطق بالكرانتيكا مكانة خاصة في المطبخ الجزائري، إذ تعد من أكثر الأطباق انتشاراً في البلاد، ويتفق الجزائريون على حبها رغم اختلاف أسمائها بين العاصمة والغرب، فهي وجبة الفقراء والأغنياء على حد سواء، وتُقدَّم في البيوت والمطاعم الشعبية على مدار العام، ويمتد حضورها حتى إلى المقاهي والمطاعم التي تديرها الجالية الجزائرية في الخارج خاصة في فرنسا، ما يجعلها جزءاً من هوية الذوق الجزائري.
يُقبل الناس على شراء القرنطيطة لما تتميز به من طعم مميز وسهولة في التحضير وسعر منخفض يناسب الجميع، إذ يتراوح سعرها بين 20 و40 ديناراً جزائرياً أي ما يعادل ربع دولار، وتُحضّر أساساً من الحمص المطحون والبيض والزيت، وتُطهى في الفرن حتى تكتسب لوناً ذهبياً، ثم تُقدَّم مع الخبز والفلفل الحار أو الهريسة، وهو ما يمنحها نكهة محببة لدى كل الفئات، من العمال البسطاء إلى الموظفين وربات البيوت الذين يعتبرونها وجبة مثالية وسريعة لا تحتاج إلى تكلفة أو وقت.

يروي أصحاب المحلات الشعبية في الجزائر العاصمة أن الإقبال على هذا الطبق لا يتراجع مهما تغيرت المواسم، فمحلات الأكل السريع لا تكاد تخلو من صينية القرنطيطة الساخنة التي تملأ المكان برائحة مميزة، وتجذب الزبائن منذ الصباح الباكر حتى ساعات المساء.
تعود جذور القرنطيطة إلى فترة الوجود الإسباني في مدينة وهران غرب الجزائر، ويُعتقد أن اسمها مشتق من الكلمة الإسبانية “كالينتيتا” التي تعني الساخنة، وتشير روايات تاريخية إلى أن الجنود الإسبان أثناء حصارهم في أحد الحصون كانوا قد نفد طعامهم ولم يتبق سوى طحين الحمص وبعض الماء والملح، فقاموا بخلطها وطهوها على النار فاكتشفوا أنها صالحة للأكل، ومن هناك انتقل الطبق إلى سكان المدينة ثم إلى باقي المناطق الجزائرية.
مع مرور الزمن أصبحت القرنطيطة جزءاً من الثقافة الشعبية، تعكس روح البساطة في المطبخ الجزائري، وتُقدَّم في المناسبات اليومية لا كوجبة فاخرة بل كرمز للألفة والذاكرة الجمعية، حيث تتشارك العائلات والعمال في تناولها دون تمييز، فالمذاق واحد والمكانة راسخة، وهذا ما جعلها تصمد رغم تغير العادات الغذائية ودخول الأكلات الأجنبية إلى الأسواق المحلية.
المصدر: العربية