تُجسد قلعتا الفرسان وصلاح الدين عمق التراث المعماري والعسكري في المنطقة العربية ، حيث تحتفظ كل منهما بأهمية تاريخية جعلتهما من أبرز المعالم التي تعكس تطورات الحضارة الإنسانية في العصور الوسطى ، وقد مثلت هاتان القلعتان نقاطًا استراتيجية في فترات صراع وتحولات سياسية كبرى.
تقع قلعة الفرسان، المعروفة باسم قلعة الحصن، في سوريا وتُعد واحدة من أهم القلاع الصليبية التي بقيت على حالها حتى اليوم ، وقد شُيدت على مراحل متعددة بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر لتصبح معقلًا حربيًا بُني وفق رؤية دفاعية دقيقة تُظهر فهمًا متقدمًا للهندسة العسكرية في تلك الحقبة.
تميّزت القلعة بتحصيناتها المعمارية الصلبة وأبراجها المرتفعة التي تكشف عن تخطيط دفاعي متقن ، وتضم القلعة عناصر فنية متعددة من نقوش وزخارف تُبرز مراحل بنائها وتطورها عبر العصور ، كما تُعرض جدرانها بقايا جداريات تعود إلى الحقبة الصليبية مما يضفي عليها بعدًا فنيًا إلى جانب بعدها الحربي.
جرى إدراج قلعة الحصن على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2006 ، وهو ما يؤكد مكانتها في السجل الحضاري الإنساني ويُبرز دورها في نقل صورة دقيقة عن طبيعة العمارة العسكرية خلال العصور الوسطى ، وتُعتبر اليوم من أهم الوجهات السياحية في سوريا لما تحمله من قيمة ثقافية وتاريخية.
تُعد قلعة صلاح الدين الأيوبي، الواقعة في القاهرة، واحدة من أبرز معالم العمارة الإسلامية التي تحمل إرثًا سياسيًا وعسكريًا منذ القرن الثاني عشر ، وقد بُنيت بأمر من صلاح الدين لتكون مركزًا دفاعيًا ضد الغزوات الصليبية ولتُشرف على المدينة من أعلى جبل المقطم.
تميّزت القلعة بتصميمها الاستراتيجي الذي جعلها حصنًا حصينًا يطل على القاهرة ويُحكم السيطرة عليها ، وتحتوي على معالم معمارية إسلامية بارزة مثل جامع محمد علي باشا، إلى جانب المتاحف والمباني الإدارية التي تحوّلت لاحقًا إلى رمز من رموز الحكم العثماني في مصر.
تمثل القلعتان معًا رمزين لحضارتين مختلفتين ولكنهما متجاورتان في السياق التاريخي ، إحداهما تُظهر البُعد الصليبي والأخرى تُجسد الرد الإسلامي عليه من خلال العمارة والتحصين والموقع ، كما تُسلطان الضوء على التفاعل العسكري والثقافي بين الشرق والغرب خلال القرون الوسطى.
تُعد قلعة الحصن وقلعة صلاح الدين وجهتين سياحيتين بارزتين تستقطبان الزوار من أنحاء العالم ، حيث يأتون للاطلاع على الشواهد المعمارية النادرة التي تكشف ملامح التحولات السياسية والعسكرية التي مرت بها المنطقة ، كما تمثلان نموذجًا للتمازج بين الفن والدفاع والاستراتيجية.
المصدر: اليونسكو