يُعد فن العازي جزءاً لا يتجزأ من النسيج الثقافي لدولة الإمارات، فهو يجسد تراثاً شعرياً عريقاً، يُمارس منذ قرون، ويُلقى في مناسبات مختلفة، كما يتكون من قصائد نبطية تقليدية، تجمع بين الحكمة الشعبية والتعبير عن قيم المجتمع، مما يعكس ثقافة غنية وعميقة.
يُؤدى هذا الفن بشكل جماعي، حيث يتبادل الأفراد الأبيات الشعرية، في جو حماسي يعزز التناغم والتعاون، وتُعبر القصائد عن الهوية الإماراتية الأصيلة، وتتناول مواضيع الثناء على الأبطال، وتُمجد الإنجازات الوطنية، وتُعزز الانتماء للوطن، وتُظهر الأبيات تناغماً لغوياً متميزاً، يستند إلى عمق الشعر النبطي، ويبرز الإبداع الشعري المحلي.
توارثت الأجيال هذا الفن عبر قرون، وحافظت على جوهره رغم التحديات، وخاصة التراجع الذي واجهه في منتصف القرن العشرين، لكن بفضل الجهود الرسمية، عاد العازي للحياة من جديد، حيث ركزت المبادرات على تعزيز مكانته، وأعادت تقديمه في المحافل الوطنية الكبرى، ليصبح اليوم جزءاً أساسياً من الاحتفالات، ومحفزاً للوعي الثقافي.
أسهمت هذه الجهود في إدراج فن العازي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي عام 2017، وهذا الإنجاز التاريخي منحه شهرة عالمية، وعزز من مكانته كرمز ثقافي، كما يُساهم هذا الإدراج في حماية الفن، وتشجيع توثيقه، وضمان بقائه للأجيال القادمة، ويُؤكد التزام الإمارات بالحفاظ على إرثها، وتنوعها الحضاري.
يُمثل فن العازي أكثر من مجرد أداء شعري، فهو يجسد روح المجتمع الإماراتي، ويربط الأجيال ببعضها، ويعكس القيم الأصيلة من كرم وشجاعة، وتضامن اجتماعي، ويُعزز من تماسك المجتمع، ويُشكل جسراً حقيقياً بين الماضي والحاضر، ويحافظ على اللغة العربية الفصحى والنبطية، ويعزز الفخر بالهوية الوطنية.
تُواجه ممارسة فن العازي تحديات في ظل العصر الحديث، وتتطلب جهوداً مستمرة للحفاظ عليه، وتشجيع الأجيال الجديدة على تعلمه وممارسته، وتُنظم ورش عمل ومهرجانات ثقافية لهذا الغرض، وتُعزز حضور الفن في المدارس، وتشجع الشباب على المشاركة، وتساهم هذه المبادرات في استمراريته، وتحافظ على إرثه الثمين.
يُعد فن العازي شاهداً على غنى الثقافة الإماراتية وتفردها، ويعزز مكانة الشعر كأداة تعبير قوية، وتستمر الجهود في تطويره، وتشجيع إبداع قصائد جديدة، مع الحفاظ على روح التراث الأصيل، ويبقى العازي رمزاً للفخر الوطني، ومصدراً لإلهام الأجيال، وتعزيز الانتماء إلى الأرض والتاريخ.
يُشكل هذا الفن موروثاً حياً، يروي حكايات الأجداد، ويُجسد قيمهم، ويُذكرنا دائماً بضرورة الحفاظ على تراثنا، ليبقى شاهداً على منجزات الماضي، ومحفزاً للمستقبل، وهكذا يظل فن العازي جزءاً من الذاكرة الجماعية للشعب الإماراتي، ويُعزز فخرهم بانتمائهم الثقافي.
المصدر: الإمارات اليوم