سجّل فن العازي موقعه البارز في المناطق الشمالية من سلطنة عمان، حيث يُمارس كشكل من أشكال الشعر المغنى، ويقوم أساسه على مسابقة للإلقاء الشعري تتضمن حركات إيقاعية محددة، ويتخلل الأداء تحريك السيوف وترديد المقاطع الشعرية بين الشاعر وجوقة من الرجال.
ويُعكس هذا الفن قدرة المجتمع على الحفاظ على التقاليد والتعبير عن الهوية القبلية، كما يربط بين الأجيال من خلال نقل القصائد والأساليب الشعرية بشكل حي ومباشر، ويُعد العازي نافذة لفهم الثقافة العمانية التقليدية.
تعبّر قصائد العازي عن الفخر والاعتزاز بالقبيلة والتاريخ، كما تحمل مضامين تتعلق بالقيم والشجاعة والكرم والمروءة، ويُؤدى في مختلف المناسبات الاجتماعية والوطنية بما في ذلك الأعراس والمواكب الرسمية، ويُشكل الأداء الجماعي عنصراً مهماً في تعزيز الروابط الاجتماعية.
كما يسمح للشباب بالمشاركة وممارسة المهارات الشعرية والإيقاعية، ويُسهم ذلك في الحفاظ على فن العازي ونقله من جيل إلى آخر، كما يعكس دور الشعر في تقوية الانتماء الاجتماعي والهوية الثقافية في المجتمع العماني.
يمثل العازي نظاماً متكاملاً يجمع بين الموسيقى والإيقاع والشعر الحي، حيث تُستخدم السيوف كأداة رمزية تُظهر الشجاعة والفخر، ويكون التفاعل بين الشاعر والجوقة متوازناً لإبراز مهارة الأداء، ويتيح ذلك فرصة للمجتمع لمتابعة وممارسة التقليد بشكل جماعي.
كما يشجع على تعلم أساليب الغناء والإلقاء الشعري بشكل عملي، ويُعتبر هذا الأداء وسيلة للحفاظ على التراث الشفوي الذي يربط الحاضر بالماضي، ويُعزز الوعي بأهمية الهوية الثقافية المرتبطة بالقبائل في عمان.
يُظهر العازي أهمية التقاليد الشفوية في نقل القيم والمعارف من خلال الأداء الحي، كما يُعتبر مرآة للمجتمع العماني القديم، حيث يعكس ممارسته الاجتماعية والعادات القبلية، ويعمل على ترسيخ التماسك المجتمعي من خلال المشاركة الجماعية.
كما يُسهم في تعزيز التقدير للقصائد والأساليب الشعرية التقليدية، ويضعف خطر اندثار التراث الشفوي مع مرور الزمن، ويضمن استمرارية التواصل بين الأجيال عبر الاحتفالات والمناسبات الرسمية والشعبية.
تم إدراج العازي، فن الرثاء وألحان المواكب والشعر، عام 2012 في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في سلطنة عمان، ويُعتبر هذا الإدراج اعترافاً عالمياً بقيمة هذا التراث، كما يدعم جهود الحفاظ على الهوية الثقافية المحلية ويُعزز الاهتمام بالفنون التقليدية، ويضع العازي في موقع مهم بين الفنون الشفوية التي تساهم في استدامة التراث الشعري والموسيقي، كما يوفر قاعدة علمية للباحثين لدراسة التأثير الاجتماعي والثقافي لهذا الفن التقليدي.
المصدر: الشبيبة