يمارس الأردنيون فن السامر منذ أجيال متعاقبة باعتباره أحد التقاليد الثقافية الراسخة في المجتمع، حيث يجمع هذا الفن بين الغناء الجماعي والتصفيق والرقص الشعبي في مشهد احتفالي يشكل جزءًا من مراسم الزواج والمناسبات الاجتماعية.
ويؤدى السامر في أجواء مفتوحة يشارك فيها الرجال من مختلف الأعمار، بينما يُشجّع الأطفال على التفاعل والمشاركة لحفظ هذا التراث ونقله شفهيًا عبر الحضور والممارسة المباشرة.
يبدأ أداء السامر عادة بقيام والد العريس أو أحد كبار الحضور بتوجيه الحاضرين للاصطفاف في صفوف متقابلة، حيث يبدأ أحدهم بالغناء من خلال بيت شعري يعبّر عن الفرح أو الفخر أو المحبة، ويقوم الطرف الآخر بالرد، وقد يتحول الأداء إلى مشاركة جماعية يشترك فيها الجميع، وهو ما يعزز الإحساس بالمشاركة ويذيب الفوارق العمرية والاجتماعية بين المشاركين.
تعتمد الأشعار التي تُتلى في فن السامر على مفردات شعبية تعكس هوية المكان وقيم المجتمع، وتُعبّر عن مشاعر الألفة والسلام والانتماء، حيث يجري اختيار الأبيات بعناية وفق المناسبة، مع التأكيد على الطابع الجماعي للأداء الذي يجعل من السامر وسيلة فنية واجتماعية لنقل القيم المشتركة، وتعزيز التماسك بين أبناء العائلة والحي والقبيلة.
يُعتبر السامر فرصة لتجديد العلاقات بين الناس والتأكيد على الأدوار المجتمعية التي تميز كل فئة عمرية، إذ يسهم في ترسيخ مفاهيم التشارك والاحترام والتقدير المتبادل، ويُشجّع من خلال طبيعته المفتوحة على تعلّم الغناء والرقص والتصفيق من خلال المحاكاة والمشاهدة، ما يجعله أداة تعليمية غير رسمية تنقل التراث بطرق بسيطة وعفوية.
أدرجت منظمة اليونسكو فن السامر الأردني عام 2018 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، اعترافًا بما يحمله من عناصر فنية واجتماعية تعزز التفاهم بين الأجيال، وتبرز خصوصية البيئة الثقافية في الأردن، حيث شكّل هذا القرار دافعًا للمجتمعات المحلية للاهتمام بإحياء السامر، وتنظيم عروضه بشكل منظم، مع توثيقه ودعمه من خلال المؤسسات الثقافية.
أكّد عدد من الممارسين لهذا الفن أهمية إشراك الفتيان والفتيات في تدريبات السامر منذ الصغر، وعدم اقتصار مشاركتهم على المشاهدة، كما دعوا إلى إدماج الفنون الشعبية في المناهج الدراسية لتعريف الأجيال الجديدة بتراثهم، وإعادة ربطهم بالقيم التي يعبّر عنها هذا الفن، خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية والثقافية المتسارعة.
المصدر: سكاي نيوز