الخميس 1447/04/03هـ (25-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الأردن » غير مرئي » المعالم التاريخية » السامر الأردني فن تراثي يجسد الفرح الجماعي ويعزز الترابط الاجتماعي

السامر الأردني فن تراثي يجسد الفرح الجماعي ويعزز الترابط الاجتماعي

 

يمثل فن السامر الأردني واحداً من أهم أشكال التعبير الفني الشعبي في المجتمع الأردني، حيث يجمع بين الرقص والغناء والأداء الجماعي، ويُمارس في مناطق متعددة من البلاد، ويبرز بشكل خاص في المناسبات الاجتماعية الكبرى وعلى رأسها حفلات الزواج، إذ يُعتبر وسيلة للتعبير عن الفرح والتواصل بين أبناء المجتمع، ويشارك فيه الرجال والنساء على حد سواء، كما يُشجع الأطفال على الانخراط في أدائه ليبقى حياً في وجدان الأجيال المقبلة.

ويقوم أداء السامر على أدوار متكاملة تتوزع بين الحضور، ففي حفلات الزفاف يتولى والد العريس عادة توجيه المشاركين لبدء الطقس، حيث يصطف الحاضرون في صفوف منتظمة ويبدأون بالتصفيق والغناء المتبادل، إذ يؤدي أحدهم بيتاً من الشعر ليرد عليه آخر أو مجموعة من المنشدين، وتستمر هذه الممارسة في جو من التفاعل العاطفي الذي يعكس مشاعر الفرح والتقدير المتبادل، كما يتنوع الأداء أحياناً بين شخصين يتبادلان الغناء أو بين مجموعات كبيرة تشارك في الرد الجماعي.

السامر والدحية".. تراث فنى أردنى يزين حفل ولى العهد الأمير الحسين - اليوم السابع

وتحمل الأشعار المغناة في السامر مضامين إنسانية واجتماعية عميقة، فهي تعبر عن الفرح والسلام والتضامن والألفة بين أفراد المجتمع، كما أنها تتناول القيم المرتبطة بالكرم والشهامة والمودة، ما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من هوية الطقس، وتمنح المشاركين فرصة للتعبير عن مشاعرهم بأسلوب فني جماعي يعزز من قوة الترابط الاجتماعي، وهو ما جعل السامر يحظى بمكانة مميزة في الثقافة الشعبية الأردنية.

ويؤدي فن السامر دوراً محورياً في ترسيخ قيم التماسك الاجتماعي وتعزيز الروابط العائلية والمجتمعية، حيث يتيح المجال أمام الأفراد من مختلف الأعمار للمشاركة في أدائه بشكل عفوي وتلقائي، وهو ما يسهم في نقل المعارف والخبرات إلى الأجيال الجديدة من خلال الممارسة المباشرة، كما يعكس قدرة هذا الفن على الاستمرار في ظل المتغيرات الاجتماعية الحديثة، إذ لا يزال يحتفظ بخصوصيته وقيمته الرمزية لدى العائلات الأردنية.

وقد حظي فن السامر باعتراف دولي عندما تم إدراجه عام 2018 في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في الأردن، وهو ما يبرز أهميته كجزء من الموروث الإنساني الذي يحتاج إلى حماية وصون، ويشكل هذا الإدراج دافعاً لتعزيز الجهود الرامية إلى المحافظة على استمراره، سواء من خلال توثيقه أو عبر إقامة ورش وعروض موجهة للأجيال الشابة، إضافة إلى دعمه ضمن الأنشطة الثقافية الوطنية التي تبرز تنوع الفنون الشعبية الأردنية.

ويساهم إدراج السامر في قائمة التراث غير المادي في رفع وعي المجتمع المحلي والدولي بأهمية هذا الفن، كما يشجع على مزيد من الدراسات التي توضح أبعاده الثقافية والاجتماعية، ويعزز من حضور الأردن على خريطة التراث العالمي من خلال إبراز خصوصية فنونه التقليدية، وبذلك يظل فن السامر علامة بارزة في الهوية الوطنية، وركناً أساسياً في الحياة الاجتماعية والاحتفالية للشعب الأردني.

المصدر: الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار