تُعد “الجنبية” أكثر من مجرد خنجر، فهي رمز ثقافي وتراثي جوهري في اليمن، تُمثل الجنبية جزءاً لا يتجزأ من لباس الرجل اليمني التقليدي، حيث تُحمل معلقة على حزام مزخرف يُربط حول الخصر، ما يمنح الرجل هيبة ووقاراً، تُعتبر الجنبية دلالة على الرجولة، والشجاعة، والمكانة الاجتماعية لحاملها.
تتكون الجنبية من ثلاثة أجزاء رئيسية هي: النصل، والمقبض، والحزام، يُصنع النصل من الفولاذ أو الحديد القوي ويكون حاداً ومقوساً، بينما يُعتبر المقبض هو الجزء الأهم والأكثر قيمة، حيث يُصنع من مواد ثمينة ومميزة.
يُعد مقبض “القرن” المصنوع من قرن وحيد القرن أو العاج هو الأغلى والأندر على الإطلاق، ويتميز بلونه العاجي الداكن والملمس الناعم الذي يزداد جمالاً مع مرور الزمن، تُزين مقابض الجنابي الأقل قيمة بـ “الفضة” أو أنواع أخرى من العظام والأخشاب الصلبة، يُعرف المقبض المصنوع من القرن باسم “الصيفاني” أو “الزراف”، ويُتوارث عبر الأجيال ككنز ثمين.

يُلف على الخصر حزام جلدي أو قماشي عريض، يُعرف محلياً بـ “الحزام الجنبية”، يُزين هذا الحزام بتطريزات معقدة وخيوط ذهبية أو فضية، وقد تُستخدم أيضاً نقوش ونقاط بارزة مصنوعة من المعدن أو الجلد، يُعتبر شكل الحزام وجودته مؤشراً إضافياً على المكانة الاجتماعية والثراء.
تتجاوز وظيفة الجنبية الجانب العسكري أو الدفاعي لتصبح رمزاً اجتماعياً، حيث تُستخدم في الرقصات الشعبية الحماسية مثل “البرع” التي تزيد من رونقها، تُلعب الجنبية دوراً رمزياً في حل النزاعات القبلية، إذ يُقدم صاحب الحق جنبِيته كعلامة على حسن النية للطرف الآخر أثناء عملية التحكيم، يُعد هذا التقليد دليلاً على أن الجنبية هي رمز للسلام بقدر ما هي رمز للقوة.
تظل الجنبية جزءاً لا يمكن فصله عن الزي الوطني اليمني، وتُعتبر حرفة صناعتها وصيانتها من الحرف التراثية المهددة بالاندثار، يشهد هذا السلاح التقليدي على تاريخ طويل من الحرفية المتقنة والتقاليد الراسخة التي تميز الهوية اليمنية الأصيلة.
المصدر: المشهد اليمني