السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » السودان » مادي » الملابس » “الجرتق”.. طقس الزواج السوداني العريق يتلألأ باللون الأحمر والذهب

“الجرتق”.. طقس الزواج السوداني العريق يتلألأ باللون الأحمر والذهب

يُجسد ثوب الجرتق السوداني موروثاً ثقافياً متجذراً في وجدان المجتمع السوداني، إذ يُعد جزءاً محورياً من طقوس الزفاف التقليدية التي تمتد جذورها إلى قرون بعيدة، ويحتل مكانة خاصة في احتفالات الزواج لما يحمله من رموز ودلالات تتصل بالحماية والبركة والفرح. يرتبط هذا الثوب ارتباطاً وثيقاً بالهوية السودانية، ويُعد انعكاساً لأصالة العادات التي ما زالت حية رغم تغير الزمن.

يتميز ثوب الجرتق بلونه الأحمر الساطع الذي يرمز إلى القوة والحماية من الحسد، حيث ترى الثقافة الشعبية أن اللون الأحمر يجلب الحظ ويبعد الشر، وتُضاف إليه تطريزات ذهبية دقيقة تعكس المهارة اليدوية العالية، ويُستخدم القرمصيص لتغطية وجه العروس أثناء المراسم، وهو قماش ذو ألوان زاهية يمنح الطقس رهبة وجمالاً. ويُرافق ذلك ارتداء العروس والعريس لمجوهرات من الذهب والمرجان، تتدلى منها السلاسل والأساور التي تُعبّر عن الفخامة والمكانة الاجتماعية.

الجرتق والدلكة والبطان.. ماذا تعرف عن طقوس الزفاف بالسودان؟

تبدأ مراسم الجرتق في الليلة التالية لحفل الزفاف، حيث تجتمع العائلة في أجواء احتفالية تتخللها الأهازيج التقليدية، وترتدي العروس ثوب الجرتق الأحمر، فيما يظهر العريس بجلابية بيضاء مطرزة بخيوط حمراء تُعرف باسم “السُرتي”، وتُعد هذه التفاصيل رموزاً للوئام والتكامل بين الزوجين. وتُجهّز صينية الجرتق بعناية، إذ تحتوي على البخور والعطور مثل الصندل والمسك، إضافة إلى أدوات رمزية مثل السيف والسوط وسعف النخيل، وكلها تحمل معاني الحماية والقوة والخصوبة.

يشهد الحفل طقساً يُعرف بـ”الفأل الأبيض”، حيث يُرش الحليب على العروسين أو على الحضور كإشارة إلى النقاء والطهارة وبداية حياة جديدة مليئة بالخير، ويُرافق ذلك رقص وغناء على أنغام الأغاني الشعبية القديمة التي تُرددها النساء، فتتحول المراسم إلى احتفال جماعي بالحب والحياة.

يحافظ السودانيون على هذا الطقس رغم التغيرات الاجتماعية، لأنهم يرونه رمزاً للأصالة والانتماء، فثوب الجرتق ليس مجرد لباس بل ذاكرة متوارثة تربط الأجيال بماضيها، وتُعيد إحياء القيم التي تجمع بين الفرح والتقدير للأسرة. ومع مرور الوقت تطورت بعض تفاصيل الطقس، إلا أن جوهره ظل كما هو، يحمل في لونه الأحمر وتطريزه الذهبي قصة تراث لا يزال نابضاً بالحياة في قلوب السودانيين.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار