السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الإمارات العربية المتحدة » مادي » الملابس » البرقع الإماراتي يحافظ على رمزيته بين الأجيال رغم تغير الزمن

البرقع الإماراتي يحافظ على رمزيته بين الأجيال رغم تغير الزمن

يحمل البرقع الإماراتي مكانة بارزة في التراث الشعبي، إذ يمثل رمزًا لهوية المرأة الإماراتية، ويجسد التقاليد التي توارثتها الأجيال في مختلف مناطق الدولة، فهو ليس مجرد قطعة قماش تُرتدى للزينة، بل علامة على الاحتشام والانتماء، وارتبط ظهوره بعادات المجتمع القديم الذي أولى المرأة احترامًا وهيبة خاصة، فكان البرقع أحد مظاهر ذلك الاحترام.

تستخدم النساء في صناعة البرقع قماشًا يعرف باسم «الشيل»، وهو خامة خفيفة تمتص العرق وتتميز بقدرتها على التكيف مع حرارة المناخ الصحراوي، ويُستورد عادة من الهند بأنواع متعددة تختلف أسعارها وجودتها، إذ يعد اللون الأحمر الأغلى والأكثر تميزًا بين نساء الطبقة الثرية، بينما يأتي اللون الأصفر بدرجة أقل من حيث السعر والجودة، أما الأخضر فيُستخدم في الأوساط البسيطة ويُعتبر الأرخص، وهو ما يعكس تدرجًا اجتماعيًا واضحًا في استخدام الألوان.

ويتوسط البرقع جزء صغير يُعرف باسم «السيف»، يصنع عادة من عذق النخيل أو الخيزران أو الأخشاب المحلية، ويُثبت على الأنف ليمنح البرقع تماسكه وشكله المميز، وتُستخدم خيوط «الشُبُق» الحمراء أو الصفراء أو الفضية لربط طرفي البرقع خلف الرأس، وتُستبدل هذه الخيوط بخيوط ذهبية أو فضية في المناسبات والأعراس، حيث ترتدي العروس برقعًا مزينًا بالحلق والنجوم الذهبية يعكس مكانتها في يوم زفافها.

تبدأ صناعة البرقع بخياطة قطعة مربعة من قماش الشيل تكفي لتغطية الوجه، ثم تُحدد فتحتان كبيرتان للعينين، وبعدها تُضاف قطعة السيف في منتصف البرقع وتُثبت بعناية، وتُستكمل الحياكة يدويًا بخيوط متينة لضمان بقاء الشكل ثابتًا مع الاستخدام الطويل، وتُعد هذه العملية فنًا دقيقًا تتقنه النساء كبيرات السن اللواتي ورثن مهارتهن من الأمهات والجدات.

تغيّر شكل البرقع بمرور الزمن، فكان في الماضي يغطي معظم الوجه ويُرتدى طوال اليوم دون انقطاع، أما اليوم فقد اختلفت المواد المستخدمة في صناعته، كما تغيرت الأشكال لتتناسب مع ذوق الفتيات الشابات اللواتي يفضلن التصاميم الصغيرة والألوان الزاهية، ومع ذلك ما زالت السيدات الأكبر سنًا متمسكات بالشكل القديم الذي يعبّر عن الأصالة، وهو ما يعكس التوازن بين الحفاظ على الموروث والتكيف مع روح العصر.

يُلاحظ اليوم أن البرقع لم يعد مقتصرًا على الاستخدام اليومي كما كان في السابق، بل صار رمزًا ثقافيًا يُستخدم في المهرجانات التراثية والمناسبات الوطنية، حيث تُقدمه الأجيال الجديدة بفخر في عروض الأزياء الشعبية والفعاليات السياحية، ليبقى شاهدًا على جمال الماضي وحضور التراث في الحياة الإماراتية المعاصرة.

المصدر: الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار