يُحيي الأكراد في العراق سنويًا عيد نوروز في الحادي والعشرين من مارس، باعتباره مناسبة قومية تحتل مكانة مركزية في وجدانهم الثقافي، ويُعد رمزًا للهوية والتحرر والانبعاث، ويُصادف بداية فصل الربيع ورأس السنة الجديدة في التقويمين الفارسي والكردي، ويُحتفل به أيضًا في إيران وأفغانستان وتركيا ودول آسيا الوسطى، ويمثل مناسبة جامعة لأكثر من 300 مليون شخص حول العالم، ويُعد من أهم الأعياد التي توثق الصلة بين الإنسان والطبيعة والرمز والتاريخ.
يُمثل عيد نوروز في العراق عيدًا وطنيًا للأكراد، ويُعتبر مظهرًا لتجدد الحياة والانتصار على الظلام، ويُترجم في الوعي الجمعي الكردي إلى رغبة دائمة في الحرية والكرامة، وينتقل من كونه طقسًا موسميًا إلى كونه ممارسة ثقافية تُعبر عن الوجود والهوية، وتمتد فعالياته لأيام طويلة تشمل عروضًا فنية ورقصات شعبية ودبكات وأغانٍ تراثية تُؤدى في الساحات العامة، مع إشعال النيران باعتبارها رمزًا لطرد الشرور وجلب الخير، ويتبادل المشاركون الأطعمة التقليدية مثل المحاشي والقوزي والبرياني، وتنتشر الزيارات العائلية وتزدهر الأسواق بالمنتجات الموسمية.
يمثل نوروز فرصة للتلاقي بين مكونات الشعب العراقي، فرغم طابعه الكردي، تنضم فئات من المجتمع للاحتفال به، ويتحول العيد إلى مساحة للتعايش والتسامح والتواصل الإنساني، ويتجدد الاهتمام بالطقوس المرتبطة به مثل تنظيف المنازل قبل المناسبة، وتحضير “سفرة السينات السبع” التي تحتوي على عناصر رمزية تبدأ بحرف السين، وتُعد مائدة رئيسية في بيوت المحتفلين خاصة في إيران والمجتمعات الكردية الممتدة، ويظهر خلال الاحتفالات شخصية “الحاج فيروز” الذي يرتدي الأحمر ويغطي وجهه بالأسود ويُنشد قصائد شعبية في الشوارع.
اعتمدت منظمة اليونسكو في شباط 2010 عيد نوروز ضمن قائمتها النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وأعلنت يوم 21 مارس يومًا دوليًا رسميًا للاحتفال بهذه المناسبة، ما يؤكد على أبعادها الثقافية العابرة للحدود، ويمنحها بعدًا دوليًا يُسهم في تعزيز فهم العالم لتنوع الثقافات وإرثها الحي، ويضع مسؤولية على الدول والمجتمعات للحفاظ على الطقوس المرتبطة به من التلاشي أو التهميش في ظل أنماط الحياة الحديثة.
يُمثل نوروز بالنسبة للمجتمع الكردي وغيره من المجتمعات المحتفلة تجسيدًا للتجدد والتفاؤل والتمسك بالجذور، ويُعيد التأكيد سنويًا على أهمية الثقافة في توحيد المجتمعات، ونقل القيم بين الأجيال، وحماية التنوع كجزء من الهوية الجمعية الإنسانية.
المصدر: اليونسكو