سجّلت سلطنة عُمان حضورها مجددًا على قائمة التراث العالمي عبر إدراج مدينة قلهات التاريخية في قائمة اليونسكو عام 2018 ، ويعود هذا التصنيف إلى الأهمية الاستراتيجية والتجارية والثقافية التي تتمتع بها المدينة الواقعة على الساحل الشرقي للبلاد.
شكّلت قلهات نقطة التقاء للتجارة بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا والهند والصين ، وكانت الميناء البحري الأهم في عمان خلال العصور الوسطى ، حيث ساهمت في نقل البضائع والمنتجات بين الشرق والغرب ، ما جعلها مركزًا اقتصاديًا وحضاريًا لا غنى عنه في تلك الفترة.
برزت المدينة كمركز حضاري رئيسي قبل أن تصبح عاصمة لعمان في مراحل زمنية سابقة ، وتمكنت من توظيف موقعها الجغرافي المحمي طبيعيًا على البحر في خدمة النشاط التجاري والبحري ، ما ساهم في تطورها المعماري والعمراني بشكل لافت.
تضم المدينة آثارًا معمارية ما زالت تحافظ على هيبتها التاريخية مثل بقايا الأسوار القديمة والمنازل والمساجد والمباني العامة ، ويأتي ضريح بيبي مريم في مقدمة المعالم الأثرية بالمنطقة ، إذ يُعتقد أنه بُني لتكريم حاكمة محلية كانت تُمثل سلطة سياسية واجتماعية في المدينة.
خضعت قلهات لسلسلة من الدراسات الأثرية والتنقيبات التي كشفت عن أنماط الحياة اليومية والتخطيط العمراني والبنية الاقتصادية التي اعتمدت عليها المدينة في أوج ازدهارها ، كما بيّنت الحفريات وجود طبقات متعددة من الحضارات التي مرت على المدينة عبر القرون.
تُعتبر قلهات واحدة من أقدم المدن الساحلية في عُمان والتي حافظت على طابعها التاريخي دون أن تطغى عليها التحديثات المعمارية المعاصرة ، ما يمنحها قيمة أصيلة في سجل المدن التاريخية ذات الهوية التجارية في منطقة الخليج العربي.
تُعزز قلهات اليوم من مكانة سلطنة عمان على خريطة السياحة الثقافية ، حيث تستقبل الزوار من الداخل والخارج للتعرف على نمط حياة السكان في العصور الوسطى والتفاعل الحضاري الذي كان قائمًا عبر البحر ، كما تُمثل نقطة ارتكاز لفهم دور عمان في حركة الملاحة القديمة.
يُسهم إدراج المدينة ضمن التراث العالمي في الحفاظ على مكوناتها المعمارية والتاريخية من التدهور ، ويدفع بالمؤسسات البحثية والسياحية للعمل على توثيق تاريخها وإبراز دورها في تشكيل الهوية الوطنية العُمانية ونقلها للأجيال الجديدة.
المصدر: اليونسكو