يشهد خور روري الأثري قرب صلالة على تاريخ التجارة القديمة في سلطنة عمان، إذ أسس الموقع خلال القرن الأول الميلادي على يد مملكة حضرموت، وتشير الدلائل إلى أن المنطقة كانت مأهولة منذ القرن الثاني قبل الميلاد.
وقد أدرجت اليونسكو الموقع ضمن قائمة التراث العالمي عام 2000 كجزء من أرض اللبان، يمثل خور روري أحد الموانئ القديمة التي لعبت دوراً محورياً في تصدير اللبان وربط عمان بمناطق البحر المتوسط والهند والعراق، ما جعله مركزاً تجارياً وحضارياً بارزاً.
يضم الموقع بقايا الميناء التاريخي والمباني القديمة، ويُظهر بقايا أرصفة وسفن كانت ترسو لتحميل اللبان والمنتجات المحلية، ما يعكس النشاط التجاري المكثف الذي كان يجري منذ آلاف السنين.
وتدل النقوش والعملات الحميرية المكتشفة على سيطرة مملكة حمير على المنطقة، وتوضح أهمية خور روري في تنظيم حركة القوافل البحرية والبرية التي مرت عبر طريق اللبان القديم.
شكل خور روري مركزاً حضارياً بارزاً في المنطقة، فقد كان محطة استراحة للقوافل والتجار والمسافرين، كما ساهم في نقل المعرفة والثقافة بين حضارات مختلفة، ويشير موقعه الاستراتيجي إلى حرص القدماء على استغلال البيئة الطبيعية لإقامة ميناء آمن ومزدهر.
ويعد الموقع شاهدًا على تنوع الأنشطة الاقتصادية التي اعتمدت عليها المجتمعات القديمة، بما في ذلك التجارة، والزراعة، وصيد الأسماك، وهو ما ساعدهم على البقاء والاستقرار في بيئة ساحلية صعبة.
تستمر البعثات الأثرية في استكشاف خور روري للكشف عن المزيد من أسرار المنطقة، حيث تهدف الدراسات إلى فهم طرق التخزين ونقل اللبان، وطبيعة الحياة اليومية للسكان القدامى، كما تسلط الضوء على التطورات المعمارية والهندسية التي استخدموها في بناء الميناء والمساكن والمرافق التجارية، ويتيح الموقع للباحثين والزوار دراسة العلاقة بين الموارد الطبيعية والتجارة القديمة وكيفية إدارة المجتمعات لتلك الموارد.
تحظى منطقة خور روري بأهمية سياحية حالياً، إذ يجمع بين المناظر الطبيعية الخلابة والمواقع الأثرية التي تعكس تاريخ المنطقة العريق، ويستقبل الزوار من داخل عمان وخارجها للاطلاع على الآثار والتمتع بالبيئة البحرية، كما يعتبر من الأماكن التي تربط السياحة بالبحث العلمي، حيث يمكن للمهتمين بالتاريخ والآثار متابعة الأعمال التنقيبية والدراسات الأكاديمية.
ويؤكد الخبراء على أن خور روري ليس موقعاً أثرياً فحسب، بل يمثل جزءاً حيوياً من تراث عمان وتاريخ تجارة اللبان، ويعكس قدرة الإنسان على استغلال البيئة الطبيعية لمصلحة الاقتصاد والحياة الاجتماعية، ويثبت أن المنطقة كانت محوراً للتواصل بين حضارات مختلفة عبر آلاف السنين، ما يجعلها مرجعاً تاريخياً مهماً لدراسة التاريخ البحري والتجاري للجزيرة العربية.