يمثل موقع بئر حمى أحد أهم الشواهد الأثرية في المملكة العربية السعودية، حيث يضم مجموعة كبيرة من الآبار التاريخية المحاطة بالرسوم والنقوش الصخرية التي تمتد عبر أكثر من سبعة آلاف سنة، ويقع الموقع في شمال منطقة نجران ويُعد من أبرز ملامح التراث الثقافي القديم في الجزيرة العربية.
يكشف تحليل النقوش عن تنوع ثقافي واسع يضم مشاهد لحيوانات منقرضة وأخرى مستأنسة، إضافة إلى مشاهد للصيد وطقوس دينية، وقد استخدمت هذه الرسوم كوسيلة للتعبير عن المعتقدات والأنشطة اليومية للسكان القدماء، مما يوفر سجلًا بصريًا نادرًا لتاريخ الإنسان في المنطقة.
يحمل الموقع اسم “منطقة حمى الثقافية” رسميًا في سجلات منظمة اليونسكو، وقد جرى إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي عام 2021، ويضم أكثر من 550 لوحة فنية محفورة على الصخور، موزعة حول مجموعة من الآبار التي كانت تمثل مصادر حيوية للمياه لقوافل الحجاج والتجار عبر العصور.
يعكس تعدد أساليب النحت وتنوع الرموز المستخدمة انتقال الحضارات والتأثيرات المتبادلة بين شعوب المنطقة، كما توضح الأدلة الأثرية أن الموقع استخدم باستمرار من عصور ما قبل التاريخ وحتى فترات متأخرة، وهو ما يعكس قيمته كمركز للتفاعل البشري والبيئي في الصحراء.
تعمل الجهات الثقافية في المملكة على تطوير الموقع عبر برامج الحفاظ والترميم، وتشمل الجهود تسجيل وتوثيق النقوش بدقة عالية، إضافة إلى إعداد دراسات جيولوجية لفهم علاقة الموقع بالبيئة المحيطة، ويهدف هذا العمل إلى حماية الموروث الثقافي مع فتح المجال أمام الأبحاث المستقبلية.
يشكل إدراج بئر حمى ضمن التراث العالمي خطوة استراتيجية ضمن رؤية السعودية 2030، حيث يعزز من مكانة المملكة على خارطة السياحة الثقافية العالمية، كما يساهم في تعريف الأجيال الجديدة بتاريخهم الحضاري، ويمنح الباحثين فرصة لفهم أعمق للتطور الإنساني في المنطقة العربية.
يعكس موقع بئر حمى قدرة الإنسان القديم على التكيف مع البيئة القاسية، ويُعد شاهدًا ملموسًا على الترابط بين الفن والتاريخ والموارد الطبيعية، ما يجعل منه معلمًا فريدًا في التاريخ البشري ويستحق الحماية والدراسة المستمرة.
المصدر: ويكيبيديا
