تُعدّ مدينة معلولا واحة تاريخية وروحانية فريدة من نوعها، تقع في محافظة ريف دمشق بسوريا، وهي ليست مجرد مدينة، بل هي كتاب مفتوح، يروي حكاية حضارة عريقة، سكنت المنطقة، وتركت بصماتها على وجه الأرض، فهي من الأماكن القليلة في العالم التي لا يزال سكانها يتحدثون اللغة الآرامية، لغة السيد المسيح، وهذا يمنحها مكانة خاصة، ورمزية، في قلوب المسيحيين، والمسلمين، على حدّ سواء.
تضمّ معلولا معالم تاريخية متميزة، أهمها الأديرة، والكنائس، والممرات الصخرية، التي تُظهر براعة المعماريين، والفنانين، القدماء، في نحت الحجارة، وبناء منشآت ضخمة، ومتينة، قادرة على الصمود أمام عوامل الزمن، والظروف البيئية، فكل دير، وكل كنيسة، يروي قصة عن الإيمان، والصمود، والإرادة، وهذا يُؤكد على أن المنطقة كانت مركزًا دينيًا، وحضاريًا، مهمًا، في العصور القديمة.
من أهم الأديرة في معلولا، دير القديسين سركيس وباخوس، ودير مار تقلا، وهما يعودان للقرن الرابع الميلادي، وهذا يمنحهما أهمية تاريخية، وروحانية، فالموقعان معًا، يُرويان قصة واحدة، ويُعزّزان مكانة معلولا كمدينة مقدسة، ومقصد للحجاج، والزوار، الذين يأتون إليها، للصلاة، والتأمل، والبحث عن السلام الداخلي، فكل زاوية في المدينة، تنبض بالحياة، والإيمان، والتاريخ.
تتميز المدينة بممراتها الصخرية، التي تُعرف بـ”الفج”، التي تُشكل ممرات ضيقة، ونقاط مراقبة، كانت تُستخدم لأغراض دفاعية، وهذا يُؤكد على أن المدينة كانت تُعتبر حصنًا منيعًا، يصعب على الأعداء اختراقه، وهذا يبرز أهمية الموقع من الناحية العسكرية، والاستراتيجية، في تلك الحقبة، وهذا يجعل من زيارة معلولا تجربة لا تُنسى، وتُشبع الروح بالجمال، والفخر، والإعجاب.
بفضل أهميتها التاريخية، والروحانية، تمّ إدراج معلولا في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، وهذا الاعتراف الدولي يُؤكد على القيمة الاستثنائية للموقع، وضرورة الحفاظ عليه، وصيانته، ليبقى للأجيال القادمة، وهذا يُعزّز مكانة سوريا كدولة غنية بالتراث، والتاريخ، ويُبرز دورها في الحضارة الإنسانية.
المصدر: اليونسكو