الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » المعالم التاريخية » معرض رشيد كرامي في طرابلس يرسخ حضور العمارة الحديثة عربياً

معرض رشيد كرامي في طرابلس يرسخ حضور العمارة الحديثة عربياً

يشكل معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس معلماً معمارياً فريداً يعكس ملامح التحديث في لبنان خلال ستينات القرن الماضي ، وقد تم تصميمه من قبل المهندس البرازيلي الشهير أوسكار نيماير الذي كُلّف بالمشروع ضمن رؤية شاملة لتحديث البنية الاقتصادية والثقافية في البلاد ، حيث وُضعت خطط هذا المعرض في فترة كانت تشهد فيها طرابلس توسعاً حضرياً ملحوظاً وتطلعاً نحو مكانة إقليمية أكبر.

تبلغ مساحة المعرض نحو 70 هكتاراً ويقع بين النسيج التاريخي لمدينة طرابلس وميناء مدينة المينا ، وهو موقع استراتيجي يجمع بين البعد الحضاري والبعد البحري ، وتم تصميم مبانيه بروح العمارة الحديثة مع الاعتماد على عناصر جمالية وهندسية نادرة في المنطقة ، ويضم المبنى الرئيسي قاعة ضخمة على شكل بومرينغ تمتد بطول 750 متراً وعرض 70 متراً ، وهي مخصصة لإقامة المعارض الدولية وتمثل القلب النابض للمشروع.

شهد المشروع تعاوناً وثيقاً بين نيماير وفريق من المهندسين اللبنانيين الذين عملوا على مواءمة التصميمات العالمية مع الطابع المحلي ، وهو ما أتاح ظهور نموذج معماري غير مسبوق في لبنان والمنطقة ، حيث جسد هذا التعاون تفاعلاً حضارياً بين الجنوب العالمي والشرق العربي في إطار معماري يخدم أهداف التنمية الثقافية ، وكان الهدف من المشروع دعم النشاطات الاقتصادية وتعزيز مكانة لبنان كوجهة للمعارض الدولية.

تمثل منشآت المعرض تجسيداً لأسلوب نيماير القائم على الخطوط المنحنية والمساحات الواسعة المفتوحة ، مع تنوع في العناصر المعمارية مثل القبب والمنصات المكشوفة والممرات المعلقة ، ويُعد المعرض واحداً من أكبر المشاريع المعمارية التي اعتمدت على لغة التصميم الحديث في العالم العربي خلال القرن العشرين ، كما أنه شكّل نموذجاً نادراً للحداثة العمرانية في شمال لبنان.

حظي المعرض باعتراف دولي كبير حين أدرجته منظمة اليونسكو عام 2023 على قائمة التراث العالمي الثقافي ، وجاء هذا الإدراج تتويجاً لجهود الحفاظ على المعلم وإبرازه كرمز من رموز العمارة الحداثية في المنطقة ، وقد أكدت المنظمة في تقريرها أن المعرض يعكس انتقالاً نوعياً في التفكير العمراني ويبرز قدرة التصميم على تشكيل الفضاءات العامة وتعزيز التفاعل الاجتماعي.

تمثل إعادة الاعتبار لهذا المعرض خطوة ثقافية مهمة تعزز من حضور طرابلس كمدينة تحتضن الفنون والابتكار ، وتدفع نحو تبني مزيد من السياسات التي تدمج العمارة في الحياة اليومية للمجتمع ، كما يفتح الإدراج الباب أمام مشاريع ترميم وتوظيف المعرض في أنشطة جديدة تعيد إليه حيويته ودوره كمركز إقليمي للنشاط الفني والثقافي والاقتصادي.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار