الثلاثاء 1447/03/17هـ (09-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » معبد لالش.. نقطة التقاء روحي واجتماعي تعزز من تماسك المجتمع الإيزيدي

معبد لالش.. نقطة التقاء روحي واجتماعي تعزز من تماسك المجتمع الإيزيدي

يحتل معبد لالش موقعًا بارزًا في وادٍ جبلي بمحافظة نينوى، حيث يعد المركز الروحاني الأهم للإيزيديين، ويقع على بعد نحو ستين كيلومترًا شمال غرب الموصل، وتحيط به ثلاثة جبال تمنحه طابعًا مهيبًا يعزز قدسيته وقيمته الروحية، ويعتبر أقدس موقع في الديانة الإيزيدية ووجهة للحج السنوي الذي يلتزم به أتباع الطائفة مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

يضم المعبد ضريح الشيخ عدي بن مسافر، الشخصية الأبرز في التراث الديني الإيزيدي، إلى جانب أضرحة أخرى لها مكانة كبيرة بين المؤمنين، ويشهد على مدار العام طقوسًا واحتفالات دينية تتوج بعيد “جما” الخريفي الذي يجمع الحجاج من مختلف المناطق، مما يجعل المكان نقطة التقاء روحي واجتماعي تعزز من تماسك المجتمع الإيزيدي.

من قلب كردستان.. “لالش” ملتقى الإيزيديين حول العالم وتراثهم الثقافي المميز – معرض اربيل الدولي للكتاب

تعكس عمارة المعبد ملامح دينية فريدة، حيث تزينه قباب مخروطية تحمل نقوشًا مرتبطة بالملائكة السبعة الذين يمثلون ركائز العقيدة الإيزيدية، كما يحتوي على سبعة أعمدة حجرية يرمز كل منها إلى ملاك مقدس، وتبرز هذه التفاصيل قيمة العمارة الرمزية التي تميز المعبد وتجسد الهوية الروحية للمكان.

يرتبط تاريخ معبد لالش بجذور ضاربة في القدم، إذ تعرض للهدم وإعادة البناء عدة مرات عبر العصور، وتحتفظ جدرانه بنقوش تعود إلى القرون الأولى قبل الميلاد، ما يعكس قدمه ويبرز صمود الإيزيديين في الحفاظ عليه رغم التحديات المتواصلة التي واجهوها على مر التاريخ، ويظل دليلًا على استمرارية عقيدتهم.

يقوم المعبد بدور ثقافي واجتماعي إلى جانب مكانته الدينية، حيث يستقبل الزوار ويقدم لهم الضيافة التقليدية، مما يجعله جسرًا حيًا يصل الماضي بالحاضر، ويسهم في ترسيخ الهوية الإيزيدية والكردية في العراق، كما يمثل نقطة إشعاع ثقافي تساهم في إبراز هذا الموروث أمام العالم.

معبد لالش يستقبل الحجاج الإيزيديين في عيد الجماعية - بالصور - BBC News عربي

نال المعبد اهتمامًا عالميًا بعد إدراجه في القائمة الإرشادية المؤقتة لمنظمة اليونسكو، وهو ما يعكس قيمته ضمن التراث الإنساني، كما يدعم مساعي الحفاظ عليه كأحد الرموز التاريخية والدينية ذات الأهمية الكبرى، ويعزز ترشيحه مكانته باعتباره إرثًا عالميًا يستحق الحماية.

تواجه عملية صون المعبد تحديات عدة مرتبطة بالأوضاع الإقليمية، ما يستدعي تكاتف الجهود المحلية والدولية لضمان استمراره كمعلم روحي وثقافي، ويظل معبد لالش علامة بارزة في التاريخ والهوية الإيزيدية، ورمزًا يجمع أبناء الطائفة حول تراثهم العريق ويؤكد على مكانته كمنارة روحية وثقافية متجددة.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار