يعد معبد سار الواقع في قرية سار بالمحافظة الشمالية من أبرز المعالم الأثرية التي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث يمثل جزءاً أصيلاً من إرث حضارة دلمون التي ازدهرت في البحرين، وقد أُدرج الموقع في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو ضمن ما يعرف بالحديقة التراثية في سار، تقديراً لقيمته التاريخية وما يحمله من دلائل حضارية عن المجتمع الدلموني القديم.
يتميز المعبد بكونه القلب النابض لمستوطنة أثرية متكاملة تحيط بها مقبرة فريدة التصميم أشبه بخلية النحل، ما يعكس تنظيماً عمرانياً واجتماعياً متطوراً عاشه سكان البحرين قبل آلاف السنين، وقد كشفت الحفريات عن بقايا أثرية تروي قصص الحياة الدينية والاجتماعية التي ميزت تلك الحقبة التاريخية.
تعود أصول المعبد إلى نحو أربعة آلاف عام، ويتكون من بناء مركزي محاط بمساكن حجرية منظمة عبر ممرات وغرف متجاورة، مما يعكس طبيعة الحياة اليومية لمجتمع دلموني كان يتمتع بدرجة من الازدهار والاستقرار، ويبرز الموقع مدى قدرة الحضارة القديمة على التخطيط العمراني الذي يخدم حاجات السكان الدينية والمعيشية معاً.
المقبرة التي تجاور المعبد تمثل إحدى أبرز ملامح المكان، إذ صُممت على شكل دائري متشابك يشبه خلية النحل، وهو طراز فريد في تاريخ الجزيرة العربية، وقدمت هذه المقبرة دلائل مهمة عن الطقوس الجنائزية لمجتمع دلمون، حيث عُثر فيها على هياكل وقطع أثرية كشفت عن ممارسات دينية ومعتقدات خاصة بتوديع الموتى.
الموقع يعكس بوضوح مكانة حضارة دلمون كمركز ديني واجتماعي بارز في المنطقة، فقد أسهمت أعمال التنقيب في كشف تفاصيل دقيقة عن أسلوب تنظيم المستوطنات القديمة، الأمر الذي جعل معبد سار محطة مهمة للباحثين والمهتمين بالتاريخ والآثار، كما أنه يمثل وجهة مثالية لعشاق السياحة الثقافية في البحرين.
هيئة البحرين للثقافة والآثار تعمل على تطوير الموقع ليصبح وجهة سياحية وثقافية متكاملة، إذ يضم متحفاً حديثاً يعرض القطع الأثرية المكتشفة ويقدم شروحاً موسعة عن تاريخ المعبد والمستوطنة المحيطة به، ما جعله محط أنظار الباحثين والزوار من مختلف دول العالم الراغبين في التعرف على أسرار حضارة دلمون.
زيارة معبد سار تمنح تجربة فريدة تجمع بين الاكتشاف التاريخي والبعد الثقافي، حيث يتيح الموقع للزوار رحلة عبر الزمن لفهم أسلوب الحياة الدينية والاجتماعية قبل آلاف السنين، وهو ما يجعل من استكشافه فرصة لفهم العمق الحضاري للبحرين القديمة.
المعبد اليوم يقف شاهداً على تطور الحياة الإنسانية في الجزيرة، ورمزاً بارزاً للتراث البحريني العريق، حيث تكشف معالمه ومقتنياته عن حضارة تركت بصمة واضحة على تاريخ المنطقة، ليظل معبد سار من أبرز المواقع التي تروي قصة حضارة دلمون وتربط الماضي بالحاضر.
المصدر: ويكيبيديا