الجمعة 1447/03/13هـ (05-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » الآثار » معبد ديوين.. شاهد حي على إرادة الحفاظ على التراث رغم التحديات البيئية والتنموية

معبد ديوين.. شاهد حي على إرادة الحفاظ على التراث رغم التحديات البيئية والتنموية

يعد معبد ديوين من المعابد المصرية القديمة التي ارتبطت بالديانة النوبية، إذ كرس لعبادة الإله ديدون الذي حظي بمكانة بارزة لدى سكان النوبة.

وقد تم نقل المعبد إلى منطقة كلابشة الجديدة بعد أن كان مهددًا بالغرق جراء بناء السد العالي، ليصبح جزءًا من مجموعة المعابد التي أنقذتها الحملة الدولية التي قادتها منظمة اليونسكو في ستينيات القرن الماضي، وتم إدراجه رسميًا عام 1979 على قائمة التراث العالمي ضمن موقع “معالم النوبة من أبو سمبل إلى فيلة”.

يقع المعبد اليوم في منطقة كلابشة الجديدة إلى جوار عدد من المعابد المنقولة، ويعد وجوده هناك استمرارًا لجهود صون التراث النوبي الذي شكل على مر العصور حلقة وصل بين الحضارة المصرية القديمة والتقاليد المحلية.

ويكتسب المعبد قيمته من كونه واحدًا من الشواهد النادرة التي تمثل الديانة النوبية، حيث يظهر ارتباط سكان الجنوب بآلهتهم الخاصة التي كانت تتكامل مع المعتقدات المصرية الرسمية في بعض الأحيان.

معبد ديوين | Archiqoo

يمثل المعبد شهادة على التفاعل الحضاري بين مصر الفرعونية والنوبة، إذ عكست طقوس عبادة ديدون امتزاج الموروث الديني النوبي بالثقافة المصرية، ويبرز ذلك في تصميم المعبد وزخارفه التي تجمع بين البساطة والطابع الرمزي المرتبط بالآلهة المحلية، وهو ما يجعله نموذجًا معماريًا فريدًا بين معابد النوبة، كما يوضح كيف حاول المصريون القدماء إدماج المعتقدات النوبية ضمن منظومتهم الدينية الواسعة.

نقل المعبد إلى كلابشة جاء بعد عملية دقيقة هدفت إلى الحفاظ على تفاصيله، فقد تعرض موقعه الأصلي لخطر الغمر بمياه بحيرة ناصر عقب إنشاء السد العالي، وهو ما استدعى تدخلاً دوليًا واسع النطاق شمل عشرات المواقع الأثرية، ونجحت الجهود المشتركة بين مصر واليونسكو ودول أخرى في إنقاذ المعبد وإعادة تركيبه في موضع جديد، ليظل حاضرًا للأجيال القادمة كجزء من الإرث الثقافي العالمي.

يشكل المعبد اليوم نقطة جذب للباحثين والزوار على حد سواء، حيث يدرسه المتخصصون لفهم أعمق للتقاليد الدينية النوبية وعلاقتها بالحضارة المصرية، بينما يتوقف السياح أمام جدرانه التي تروي جانبًا مختلفًا من تاريخ النوبة، فهو لا يعكس فقط العمارة والطقوس الدينية بل يمثل أيضًا دليلًا على الجهود العالمية التي تبذل لحماية التراث الإنساني، وقد أصبح المعبد بذلك رمزًا للتعاون الدولي في صون الهوية الثقافية.

يحمل معبد ديوين قيمة تتجاوز كونه أثرًا منقولًا، فهو تجسيد لمرحلة تاريخية شهدت تداخلًا بين حضارات متعددة في وادي النيل، كما أنه شاهد حي على إرادة الحفاظ على التراث رغم التحديات البيئية والتنموية، ويظل وجوده في قائمة التراث العالمي تأكيدًا على مكانة النوبة كمركز ثقافي وديني ترك بصمة بارزة في تاريخ مصر القديمة.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار