يقف معبد الهبارية كأحد أقدم المعابد الرومانية في لبنان، حيث يعود تاريخ بنائه إلى القرن الأول الميلادي، ويقع في بلدة الهبارية بقضاء حاصبيا في محافظة النبطية جنوب البلاد، ويعد جزءاً من المواقع الأثرية المرتبطة بجبل حرمون والمندرجة على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، وهو ما يعكس قيمته التراثية البارزة وأهميته الثقافية والدينية.
ارتبط المعبد منذ تأسيسه بعبادة الإله الكنعاني بعل-غال قبل أن يتحول لاحقاً إلى مكان مخصص لعبادة الشمس، وهو ما يعكس طبيعة المعتقدات الدينية التي تعاقبت على المنطقة، كما ارتبط موقعه بجبل الشيخ أو جبل حرمون الذي اعتبر ممراً تاريخياً للسيد المسيح أثناء التجلي، وهو ما أضفى على المعبد أهمية دينية إضافية جعلته محطة بارزة في تاريخ المنطقة الروحي.
يمتاز المعبد بتصميمه الكلاسيكي الذي يتوافق مع الطراز الروماني، حيث لا تزال بعض أعمدته وبقايا جدرانه قائمة رغم مرور قرون طويلة، كما تشير الدراسات إلى أن البلدة القديمة التي كانت تحيط به جعلت منه مركزاً دينياً واجتماعياً بارزاً في الحقبة الرومانية، وهو ما يعزز مكانته كأحد أبرز شواهد العمارة القديمة في حاصبيا.
تؤكد المصادر أن المعبد كان جزءاً من شبكة معابد رومانية منتشرة في منطقة جبل حرمون، الأمر الذي يعكس الدور الاستراتيجي للموقع باعتباره نقطة التقاء حضارات متعددة، كما يبرز مدى الارتباط بين الإنسان والطبيعة المحيطة به، حيث أقيم المعبد في موقع مرتفع يطل على السهول والوديان المحيطة، مما أضفى عليه بعداً جمالياً وروحياً خاصاً.
شهد المعبد خلال السنوات الأخيرة محاولات لترميم أجزاء من جدرانه وأعمدته، غير أن هذه الجهود لا تزال محدودة، إذ يتطلب الموقع أعمال تنقيب مدروسة لاستخراج الحجارة والكتل الأثرية المدفونة تحت الأرض، كما يحتاج إلى خطط شاملة لإعادة تأهيله وتحويله إلى وجهة سياحية قادرة على جذب الزوار من داخل لبنان وخارجه.
يعاني المعبد حالياً من إهمال واضح رغم أهميته التاريخية والدينية، حيث لم يحظَ بالعناية الكافية من قبل المؤسسات المختصة، وهو ما يهدد باندثار أجزاء من معالمه إذا لم تتخذ خطوات جدية للحفاظ عليه، في وقت يمكن أن يشكل فيه ركيزة أساسية لتنشيط السياحة الثقافية في منطقة حاصبيا، خاصة أنه يمتلك مقومات تؤهله ليكون مركز جذب للمهتمين بالتاريخ والتراث.
يبقى معبد الهبارية شاهداً على حقبة تاريخية غنية، ومعلماً يجسد تلاقي المعتقدات الدينية القديمة مع الديانات السماوية، ويمنح الزائر فرصة للتعرف على جذور المنطقة وارتباطها بالحضارة الرومانية، فيما يبقى التحدي قائماً في حمايته وصيانته ليبقى جزءاً أصيلاً من الإرث الثقافي اللبناني والعالمي.
المصدر: ويكيبيديا