يبني معبد أشمون مكانته كمركز عبادة قديم لإله الشفاء الفينيقي أشمون، ويقع على بعد كيلومترين شمالي شرقي مدينة صيدا في جنوب لبنان، وقد استمر الموقع مأهولاً منذ القرن السابع قبل الميلاد وحتى القرن الثامن الميلادي، مما يعكس الترابط التاريخي بين المعبد ومدينة صيدا، ويُعد المعبد اليوم جزءاً مهماً من تراث لبنان ويجذب اهتمام الباحثين والسياح على حد سواء.
يحتضن معبد أشمون مجموعة من الخصائص الأثرية التي تعكس مكانته الدينية والثقافية، فهو كان مركزاً للحجاج الذين يطلبون الشفاء، ويضم مجمعاً هيدروليكياً متقناً ينقل المياه من النبع المقدس، مما يؤكد أهمية الطقوس المائية في المعبد، كما يحتوي الموقع على نقوش فسيفسائية تمثل مشاهد مختلفة، ويعكس التداخل بين الفترات التاريخية المختلفة بوجود مخلفات رومانية ومسيحية مبكرة، وهو ما يجعل المعبد من أفضل المواقع الفينيقية المحفوظة في لبنان.
سجل المعبد ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت الاسم الرسمي “معبد أشمون”، ما يمنحه قيمة إضافية على الصعيد العالمي، ويؤكد أهميته التاريخية والثقافية، ويساهم في رفع الوعي بضرورة الحفاظ على هذا الإرث، كما يعكس التقدير الدولي لتاريخه وموقعه، ويضع المسؤولين أمام مسؤولية حماية الموقع من عوامل التآكل والتدهور، خاصة مع التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه لبنان في السنوات الأخيرة.
تتجلى أهمية معبد أشمون في دوره التاريخي كمركز للعبادة والشفاء، فهو لم يكن مجرد مكان ديني، بل مركزاً اجتماعياً وثقافياً يعكس الحياة اليومية للمجتمعات الفينيقية القديمة، كما أن المعبد يُظهر مستوى متقدماً من الهندسة المعمارية والفنية، خصوصاً في نظامه المائي والنقوش الأرضية، ما يجعله نموذجاً للابداع الحضاري في تلك الفترة، ويتيح للباحثين دراسة تطور الدين والفن في جنوب لبنان القديم.
يعاني معبد أشمون من الإهمال والتدهور الطبيعي، كما أن ضعف الموارد المالية والسياسية يجعل صيانته صعبة، وهذا يشكل تهديداً مستمراً لتاريخه الطويل، إلا أن الدعوات المستمرة لترميمه وإعادة تأهيله تهدف إلى إبراز دوره كمركز ثقافي وسياحي، وتحويله إلى وجهة تعليمية للباحثين والطلاب والسياح، ما يسهم في الحفاظ على جزء من التراث الفينيقي الغني وتقديمه للأجيال القادمة.
يمثل معبد أشمون جسراً بين الماضي والحاضر، فهو يعكس حضارة عريقة ومستوى متقدماً من التطور الاجتماعي والديني، ويؤكد على مكانة صيدا كمركز حضاري وثقافي منذ آلاف السنين، ويتيح للزائر استكشاف طبقات التاريخ المختلفة من خلال المعمار والنقوش والمياه المقدسة، ما يجعله من أهم المعالم الأثرية في لبنان وجوهرة متفردة في جنوب البلاد.
المصدر: ويكيبيديا